١٥.٥.١٢

ما أحلى الرجوع إليه!

أرفع تحيّاتي الحارّة لأعبّر عن تقديري العميق للأمّهات الفاضلات اللواتي نجتمع اليوم لتكريم أدوارهنّ وتضحياتهنّ المحوريّة في بناء العائلة والمجتمع والوطن.
كما أشكر معدّي هذا اللقاء الطيّب بدءاً من الإستاذة غادة صدقة رئيسة فرع تورنتو للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالم مروراً بالصديق إيلي جدعون وزوجته ريتا وصولاً إلى كلّ مسؤوليه وأعضائه الباذلين نشاطاً حثيثاً لخدمة جاليتنا.
لقد تكرّموا اليوم بإهدائنا بهجة هذا الإحتفال بعد أن أتحفونا البارحة بلقاء "العودة إلى الجذور" الناجح الذي عُقد بالتنسيق مع المؤسسة المارونيّة للإنتشار والذي غطّته مؤسستا MTV و LBC ال.
كما أنتهز هذه الفرصة لأهنّئ الصديق الأستاذ الياس كسّاب على إنتخابه نائباً لرئيس الجامعة وعلى إنخراطه الدائم في كلّ أوجه مهامّ هذه المؤسسة العريقة.
وأشكر الصديق الأستاذ كميل بحرصافي الذي نطق بلسان كلّ الأصدقاء فيضاً من المحبّة والتقدير والكياسة.
إخوتي الأعزّاء، شاء أحبّائي حَمَلة مشاعل الجامعة أنّ ينوّهوا بدوري الإعلاميّ في إشراك إخوتنا، حيثما حلّوا، بتفاعلي المرهف مع مخاض لبناننا الحبيب وإستنهاضي لأريحيّتهم الوطنيّة وتحفيزي لهِمَمهم لزيادة دعمه، وأنا ممنون لهذه البادرة النبيلة والطيّبة.
لقد إنخرطنا في شؤون وشجون أهلنا في الوطن وما برح يساورنا القلق بشأن التعثّر الحاصل نحن التوّاقين أبداً إلى العودة إلى ربوعه.
إنّنا أمِلنا وهَمَمْنا في الإرتماء في أحضانه خلال محطّات متعدّدة، لكنّ جنوح الأوضاع فيه عكس مشتهانا تكراراً خيّب آمالنا بل صدمنا.
ورغم ذلك ما زال الحنين يضنينا فنثابر على المساهمة في تسديد المسار وتمهيد سبل الإياب إلى فيء أرز لبنان الضارب جذوره ليس فقط في أرضه بل في قلوبنا.
لا غرابة إذن أن يدمن غالبيّتنا على تتبّع أخباره بشغف.
ولا منّة على تخصيصنا قسطاً وافراً من إيراداتنا لإنتشال أهلنا من الضّيق وتحصينهم من تسرّب اليأس إلى نفوسهم وتوفير الدعم لصمودهم وثباتهم في أراضيهم ومقاومتهم إغراءات وضغوط بيعها.
ولا تغاوٍ في تجييّرنا روافدَ من نفوذنا داخل أروقة السلطة في دول إقامتنا لدعم نهوض الدولة في أرض جذورنا.
كلّما ناءت ظروف قاهرة بثقلها على صدور أهلنا وكبّلت مؤسسات الدولة، هبّوا وتصدّوا لضغوطها الجائرة وإنتفضوا وقاوموها، ولاقيناهم نحن في ديار الإغتراب ضمن بوتقة الجامعة الثقافيّة وضمن أُطُرٍ أخرى مستنفرين طاقاتنا لنجدتهم.
فمدّيناهم بالدعم الحيويّ لإنتشال الوطن من براثن وحوش مفترسة تناوبت في الإنقضاض عليه من كمائنها ومرابضها ناشبةً من كلّ حدب وصوب لفرض هيمنة هجينة.
نحن، المغتربين، جناح طليق الحركة وقوّي ومرن، نرفد جناح أهلنا الصامدين لنحلّق سويّة بالوطن في أجواء الحريّة والعزّة والرفاهية.
فحقّ لنا وواجب علينا نصرتهم عبر مشاركتنا الفاعلة في رسم مسار الوطن الساكن في وجداننا والحاضر أبداً في بالنا.
وبسبب فعالية إنخراطنا إستهدَفتنا ذيولُ وأذرعةُ طغاة حاكوا شرانق عازلة غائرة في أزمنة عبوديّة غابرة يشرئبّ منها أسراهم للإطباق على مقدّرات الوطن.
وواظب سلاطين هذه الشرانق وأتباعهم على تشكيل تكتلات هزيلة تدّعي تمثيل المغتربين وتنافس الجامعة الأساسيّة على صفتها التمثيليّة.
قوّة الجامعة الأمّ مستمدّة من إنخراط مغتربين بارزين في بلدان إنتشارهم، موثوقين ومؤتمنين ومنتدبين من جالياتهم للإضطلاع بمهام إدارتها والسعي الحثيث للدفاع عن نظام لبنان الديمقراطي وصيغة ميثاقه الوطني الذي يحفظ توازن أدوار فئاته المتنوّعة.
وحرصاً على فعاليّة عملها إرتأى المغتربون تحصينها بإستقلالها عن وزارة الخارجيّة والمغتربين وبإسباغ كيان قانوني يصنّفها مؤسسة غير حكوميّة معتمدة لدى المجلس الإقتصادي-الإجتماعي ومرتبطة بدائرة الشؤون الإعلاميّة التابعين لجمعية الأمم المتّحدة.
لقد ثبّتت الجامعة بفضل سعي طواقم قياداتها، وبالتنسيق مع شخصيّات مرموقة متحدّرة من أصول لبنانية، منزلةً عالمية للبنان في المحافل الدوليّة وموقعاً وازناً لدى مراكز القرار.
كما ثابر مسؤولوها على تعزيز دورها بتشعيب شبكة قنوات وثّقت التواصل بين جناحي اللبنانيّين.
ومع نمو وتألّق نجومنا في فلك الإغتراب تحوّل الوطن الصّغير إلى عملاقٍ مذهلٍ.
إنتخابات نيابية مهمة تلوح في أفق الوطن وأهلنا ما زالوا يرزحون تحت وطأة ظروف قاسية وشاذّة ومعطِّلة.
ونحن، المغتربين، نشعر بالمرارة والخيبة والغضب لعدم إستواء الأوضاع في مجاريها الطبيعيّة.
رغم أنّ تركيز الجهود يجب أن ينصبّ على تأمين حاجات أهلنا الملحّة التي سُلبت منهم لمحاولة إذلالهم، لا يمكننا صرف النظر عن أهميّة تصويب منحى التطوّرات في لبنان.
والقانون الإنتخابيّ هو القالب الذي سيشكّل الأحجام وينسب الأدوار الحاسمة في نحْتِ مصير الوطن.
فيما يستمرّ التلكؤ في صياغة قانون أنتخابيّ ضامن لأمانة التمثيل، تعيق المراوغة إتخاذ التدابير التطبيقيّة لإتاحة مشاركتنا في الترشّح كما في الإقتراع عبر السفارات والقنصليات في بلدان إنتشارنا وتتموّه بذرائع واهية لحرماننا حقّاً ثُبّت قانونياً في المجلسين النيابي والحكومي إثر إلحاحٍ عنيد من جالياتنا ودعم أكيد من القوى السياديّة داخل الوطن.
إنّ أيّ تلاعب في آليّة العمليّة الإنتخابيّة أو تفخيح لنسف فرصة ممارسة هذا الحقّ سيدفعنا إلى طعن منسّق مع حلفائنا لإبطال نتائجها.
نحن شعب مفطورعلى محبّة الوطن وعلى تنشّق نسائم الحرية والشموخ بزخم العنفوان وتدعيم قوائم السيادة وعشق الحياة وتسبيح الخالق لسخاء عطاياه فَلْنغذِّ هذا التوق.
تراثنا غني وفريد ومبعث فخر فلنزده ثراء ونكفّ يد الساعين إلى تهميشه وتهشيمه.
نظام لبناننا ديمقراطي يحرّك النشاط إلى أقصى مدى طاقاتنا ويصقل المواهب ويبلورها ويؤلّق إنجازاتنا، فلنصنه ونحمه من مَسخه نظاماً شمولّياً مقنّعاً.
هويتنا متأصلة في التاريخ ومجدولة بسواعد أجدادنا ومحبوكة بقرائح وأحلام كلّ الأجيال ومزهوة بالحرية ومعمّدة بدم الشهادة ومزدانة بالعطاءات كأقباس قوس قزح، فلنحبط محاولات طمسها وتغيير معالمها.
لبنان جنّة طبيعية مناخاً وجمالاً وثماراً فلنردّ عنه أبالسة الجحيم. وهو تحفة تاريخية إمتصّت رحيق حضارات عريقة، فلنحل دون تسرّب السموم إليه كيلا تُسقمه وتجعله خرائب بائدة.
طوبى لأحرار لبنان المتنبّهين، ملائكته وحرّاسه، فنسغ الأرز، إكسير المجد والخلود، يجري في عروقهم! عاش شعب لبنان حرّاً سيّداً مستقلاًّ هانئاً! عافى الله الأمهات وجازاهنّ جزيل الثواب!
Discernment, percipience, compassion, support for freedom, justice and Human Rights.

هناك تعليق واحد:

Wohnungsräumung يقول...

موضوع ممتاز جدا شكرا لكم