١١.٦.١٢

غاب جسده تاركاً إرثاً دائم الحضور والتوقّد

الأدوار التي يلعبها الإنسان خلال حياته والمنجزات التي يحقّقها هي التي تَنْحَتُ وتقولب معالم شخصيّته وتطبعها في أذهان المتأثرين بنشاطه. غسّان التويني تنكّب، بفكره المتوثّب الزاخر بكفاءات ومهارات عالية وحكمة ثاقبة وجرأة واثقة وعناية فائقة ودقّة متناهية، أدواراً محوريّة ورياديّة في الحياة الوطنيّة الدائمة الإضطرام على الصعد التثقيفيّة والإعلاميّة والسياسيّة والدبلوماسيّة. إنجازاته مدوّنة في محاضر المجالس النيابيّة والوزاريّة والمحافل الأمميّة وفي أروقة جريدة "النهار" منارة الشرق ومنبر الرأي الحرّ المسؤول كما هي مخزونة ذخراً في وجدان الذين إقتدوا به وتعلّموا منه. تحمّل كجبّار طعنات موت زوجته ناديا وأبنته نايلة وإبنه مكرم وإستشهاد فقيد "ثورة الأرز" جبران وبحلم الكبار غفر ورذل الثأر. كوكبة أهل القلم التي هبّت لتعبّر عن عميق تقديرها لمزايا شخصيّته الفذّة وعن حنين إفتقادها لصورته الحيّة هي عيّنة مصغّرة لكن بليغة عن مدى توغّل فكره. هذه المحبّة العارمة هي وسام رفيع يضاف إلى وسام "جوقة الشرف" الذي قلّده إيّاه "كلبناني كبير" الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك قبل يوم من عودة جبران إلى لبنان حيث تنغّصت الفرحة بإغتياله في الصباح التالي، و"وسام الأرز بوشاحه الأكبر" الذي منحه إيّاه فخامة رئيس الجمهوريّة ميشال سليمان ممثّلاً بدولة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي خلال مراسم الجنازة. تكريم أهل الأرض لنبوغ وعطاءات عميد النهضة الفكريّة،غسّان التويني، يُستكمل بتكريم علوّي لدى أبينا السماوي. حميد عواد

١.٦.١٢

شراء أرض أم خطّة منهجيّة لتصفية الوطن ؟


فُتح بابٌ مشرّعاً على مصراعيه لبيع الوطن يوم رُفِعت نسبة تملّك الأجانب في لبنان فيما اللبنانيّون ما زالوا في فترة نقاهة منهكين ومعوزين ومعزولين عن أملاكهم. المال الموّجه يغزو أراض، في زمن سلم نسبي، عجزت عن إقتطاعها الحملات العسكريّة. الإغراءات الماديّة لا تصرف الإنتباه عن التشبّث "بوضع اليدّ" وإنتهاكات التزوير. تحت وطأة الأوضاع غير المستقرّة المستحكمة بالوطن، لا تنطبق قاعدة العرض والطلب لتبرّر هذا الإقتحام الشرس والشره لشراء الأرض الهادف إلى نزع الإنتماء والهويّة مع خلع الملكيّة. منذ أكثر من خمسة عشر سنة طرحت على مرجع إقتراحاً لتأليف صندوق مالي لشراء أراضي المحتاجين إلى المال وتبلور هذا المشروع من خلال الرابطة المارونيّة، لكن الطامة الكبرى تكمن في شهيّة غير المحتاجين المهجوسين بثرواتهم والذين يعتبرون أراضي الوطن سلعة عاديّة مجرّدة من التراث المتجذّر فيها. الصيّاد الخبيث يرمي طعماً سميناً على معلاق صنّارته ليجرّ السمكة النهمة للإلتهام خارج مائها الحيوي لتموت، فيتشارك الإثنان في الجرم. كلّ لبناني أصيل يرفض مؤامرة محو صيغة لبنان الحضاريّة بتصفية مكوّن أساسي من فسيفسائه الأنساني. المهندس حميد عواد أكاديمي باحث في الشؤون اللبنانيّة Discernment, percipience, compassion, support for freedom, justice and Human Rights.