١٢.١٢.١٧

إكتظاظ تواريخ إغتيالات أبطال من نخب الوطن

*حميد عوّاد اكتظّت روزنامة الوطن وغصّت بفواجع اغتيال لفيف من صفوة أفذاذه حتى انطبع اليوم الواحد بأكثر من ذكرى أليمة. إغتيال العميد الركن فرنسوا الحاج الذي كمن له وغدر به وبسائقه الرقيب أول خيرالله هدوان (12/12/2007) ممتهنو الإجرام، أضاف إلى "مهر" الشهادة المبذول في سبيل العزّة والإستقلال رصيداً نفيساً. لقد سجّل هذا الضابط المغوار، خلال خوضه ببسالة فائقة معارك ضارية دفاعاً عن الوطن وحمايةً لأمن أهله، مآثر مشرّفة مضمّخة بدماء التضحية وممهورة بعرابين الوفاء، منها أدارته العالية الكفاءة التي كلّلت بالنجاح عمليات جيشنا الباسل الذي دوّن ملحمة أُسطورية خلال مواجهة شراذم الإرهاب في "نهر البارد"، المصدّرة إلينا من شرقي الحدود. فيما مهّد سجلّ العميد الركن فرنسوا الحاج إستحقاق خلافة قائد الجيش العماد ميشال سليمان المنذور لتسلّم سدّة الرئاسة، كمن له محترفو الغدر والإجرام بُعيد منزله وفجّروا حقد آمريهم في سيارة مفخّخة، فإختصروا سيرته المجلية و أفجعوا أهله وأبناء بلدته والجيش والوطن بفقدان بطل ميمون، في الذكرى السنوية الثانية لإغتيالهم قائداً مقداماً وخطيباً ملهماً من قادة "ثورة الأرز" شهيد الحرية والعنفوان الوطني "ديك النهار" المدوّي صياحه في ضمائرنا جبران تويني. شهداء الوطن الأبرار وأبناؤه الشرفاء يستحقون التطويب كقدّيسين لعظمة تضحياتهم وجلل إبائهم ومهابة صبرهم وقوة شكيمتهم وعمق إيمانهم وسُمُوّ تفانيهم. فوفاءً بِغَيض من فيض عطائهم وجب الإسراع بإعلان مضبطة إتهام عصابات القتل وشبكات الإجرام المترابطة وسوقهم من اوكارهم ومعاقلهم إلى المحكمة الدولية المعدّة خصّيصاً لمحاكمتهم، فيسلم اللبنانيون من شرورهم وينطلقوا بزخم مضطرد في تدعيم ركائز الديمقراطية والسيادة والإستقلال وإكمال ترميم المؤسسات وإصلاح الإدارات وتنظيم القضاء وفصل السلطات في الجمهورية اللبنانية. لكن للأسف الشديد إن الذين يعيقون ويحبطون مساعي ترسيخ أُسس الدولة ببتر بعض مؤسساتها وتعطيل ممارسة مهام حيوية لبعضها الآخر وإثارة البلبلة والشغب والتهديد على إيقاع قرقعة السلاح، يفتحون الدرب واسعة أمام حملة السلاح غير الشرعي ويؤمنون الغطاء للعمل الإجرامي المنظم الممعن في تصفية .نخب قيادية من الرعيل الإستقلالي المعاصر لقد درج الفجّار على السلوك الفظّ والوحشيّ: حاور وناور، عِدْ وراوغ، خذ وطالب، قبّح مزايا الآخرين وجمّل عيوبك، تمسكن وابطش، إطلب الرأفة وافجر، تظلّم واظلم، جوّع الناس وخُض معركة إطعامهم، عزّز الأذلاء واقمع الأحرار، إدعم الجهلة واقصِ المثقفين، أطلق السفاحين واسجن المفكرين, إرتكب المنكر وانسبه إلى خصمك، نادِ بالسلام ومارس العنف، اغتصب حقوق الغير وطالب بالإنصاف، تطمّع وتعفّف، كرّس إرادتك قدراً لا مردّ له، إصقل شهوتك للسلطة لتبدو مشتهىً وطنياً وقومياً، أضمر الغلبة وادّعي المساواة، فرّق وسُدْ، قسّم وإدّعِ التوحيد. يجب أن يدرك المشاكسون أنهم ساهموا بحرمان اللبنانيين من شخصيات فذّة إمتدت إليها يد الغدر وأساؤوا إلى ذكراهم وخانوا أمانيهم، كما حرموهم من نعمة بديهية طال توقهم إليها وهي الإستقرار والطمأنينة، وحرموهم من خيرة أبنائهم الذين يغادرونهم سعياً وراء عيش كريم ومورد رزق، وحرموهم من فورة إقتصادية توفرها لهم توظيفات فائض أسعار النفط وقد ذكرنا بها مع أسف ومرارة العديد من مسؤولي دول الخليج. ليكن مفهوماً أن لا شرعية ولا مصداقية لأي مطلب يُرفع كحائل يعيق نهضة الوطن وكحبل يلتفّ حول أعناق أبنائه. حميد عوّاد*: مربوط ب"حبل السُّرّة" إلى الوطن ومنذور لمحبّته ورفع شأنه ومواظب على مواكبة مسيرة تعافيه https://twitter.com/AouadHamid/media http://hamidaouad.blogspot.com/ Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights.

١١.١٢.١٧

تخاطر مع فكر جبران تويني وروحه

حميد عوّاد* التفسّخ في الفسيفساء البشرية التي نمت داخل لبنان نتج عن تشعّب وتغلغل جذور البعض خارج "أرضه"، وما زادها تفككاً "فضول" وخروقات الوافدين الذين "طعّموها بزؤانهم"، وتخريب "غارات الغزاة" الذين استباحوا حياض الوطن. كلّفنا الخلل هزّات زعزعت الكيان وفتناً مأساوية مدمرة خلعت غطاء الدولة عن اللبنانيين فانكشفوا أهدافاً سهلة للشررين التوّاقين إلى تحويل لبنان ميداناً، مجرّداً من مقومات الدولة، مباحاً للمغامرات العسكرية، و مشرّعاً لأطماع و نفوذ الأنظمة الهجينة المتخلفة، لتختطفه رهينة لإبتزاز المكاسب، و تجعله سجناًً لأسر الأحرار و مقبرة جماعية لوأد الفكر الحر. التنكيل"الخشن" الذي مارسه "الهجّانة الخوارج" نكبنا بالتدمير العمراني والإقتصادي والمؤسساتي وخسارة شهداء وُدَعاء ومقاومين مقدامين تصدّوا للمعتدين. للوحات الجلاء المنصوبة شواهد فوق "نهر الكلب" إضافات وملحقات خلّف آخرها لفيفاً من شهداء "ثورة الأرز" بَانَ، إضافة إلى تورطه، شراكة داخلية "نهضت" لاستكمال مهام تنكيله بشتّى الأساليب والتصاميم الحبلى بالتقيّة. خارج تقويم التقوقع الفئوي، التقويم الوطني المعتمد من حاملي الهوية، ليس "بروتوكولياً" مطبوعة في بطاقة وإنما مدموغة في الوجدان، يغصّ بتواريخ محطات استشهاد. في مثل هذا اليوم (12/12) سنة 2005 اغتيل، غداة "رصد" وصوله من باريس، جبران غسان جبران النائب في مجلس التشريع اللبناني العريق ورئيس مجلس إدارة "النهار" الغرّاء الذي أطلق "ثورة" فكرية من مكاتبه فيها تقارع بالأقلام رصاص وظلم ووحشية الطغاة، حيث احتضن في منابرها صفوة الكتّاب اللبنانيين والعرب المنتفضين ضد تخلّف حكّامهم صوناً لكرامة وحرية وسيادة شعوبهم. حمل الشهيد جبران حب لبنان في صبغيات دمه ونبضات قلبه وخلجات وجدانه، وسكبه مقالات بليغة في صفحات "النهار"، المنبر المرموق من القراء المتميزي التدقيق والجذاب لنخب رجال الفكر الأفذاذ، وصاغه جوهرة في المنتديات العالمية وبشّر بقيم الحرية والإنفتاح والعدالة والديمقراطية، و شنّ بجرأة لا تضاهى حملات شعواء على هيمنة النظام السوري على لبنان طالت مباشرة اركانه، وانتقد بصرامة بيادقه الذين تواطؤوا معه في ترويع المواطنين و تورطوا في التنكيل بالعاصين عليه من عنقود قناديل الحرية والسيادة والاستقلال، ليتكافؤوا حصصاً مختلسة من أصول وأملاك وموجودات الدولة وأموالاً نُهبت من خزائن مداخيلها ومن الديون العامة المتضخمة الساحقة للبنانيين والكابحة لتقدمهم. تفتقت "براعم" القريحة القيادية في لبّ جبران فشاء أن يكون قائداً قدوة لشباب وطنه، فانطلق بنشاط لا يستكين يحفّزهم على الإنخراط الفاعل في الحياة الوطنية لإطلاق ورشة إصلاح وضخّ النشاط المغذي وكسح مصادر الفساد وحثّهم عل تشكيل "حكومة ظل"، ولاقاهم في المنتديات وخصّهم ب"ملحق الشباب" في "النهار" وساهم في دفع مسيرة نضالهم في زمن القمع حتى نُضج "ثورة الأرز". حتى "الصوت يوّدّي" أبعد، أطلقهُ جبران عالياً وصريحاً بأبلغ تعبير، وقوّى "بثّ" "النهار" باستضافة كتاب متنورين وحمل "ديكه" معه إلى منابر "ثورة الأرز". إلتزم جبران مع نظرائه من قادة الفكر حماية مميزات كيان لبنان المنبثق من تاريخ عريق اختبر تلقّح حضارات غنية والمنطلق تحليقاً في أجواء العالم المتجدد التطور والإبتكار والمنكبّ على ابتداع مزيد من السبل لتعزيز الكرامة الإنسانية وتنمية حقوق الإنسان. هذا الطموح يقتضي دائماً رفع شأن لبنان فوق منال القوى الغاشمة المتعطشة لسفك دم الأحرار ظنّاً أنّ الإبادة الجسدية كافية لمحو "وباء" حرية الفكر الخلّاق وزهق عنفوان النفوس المتوهجة الاتقاد. عقول المجرمين مشحونة بغرائز القتل وعاجزة عن فهم لغة الحوار. إزاء لذع "اللهب الفكري" الذي قذفه بهم جبران، وفشلهم في مقارعته بالحجة، عمدوا إلى القتل ليشفوا غليلهم، فمزقوا جسده أشلاء، لكنهم ما محوا كلماته ولا ألغوا فكره ولا طمسوا منجزاته. "شُطب" اسم الشهيد جبران تويني من لائحة "المرشحين" للإغتيال ليكتب بأحرف من ذهب في قائمة شرف لباذلي أسمى التضحيات في سبيل عزة لبنان، دُوّنت في سجلّ تاريخه و حُفظت في ذاكرة الأجيال تخليداً لعطائه و تفانيه. حميد عوّاد*: مربوط ب"حبل السُّرّة" إلى الوطن ومنذور لمحبّته ورفع شأنه ومواظب على مواكبة مسيرة تعافيه https://twitter.com/AouadHamid/media http://hamidaouad.blogspot.com/ Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights.

٦.١١.١٧

لبنان بؤرة هزّات متجدّدة

حميد عوّاد* الطمأنينة والأمان والوئام تشيع مناخاً من الأستقرار يحفّز على بذل الطاقات القصوى لخدمة المجتمع والتنعّم بالعيش بهناء. لا يتوقعنّ تقبّلاً وترحيباً من يحتقر القيم الإنسانية ويدوس كرامة وحقوق الأنسان ويفتري على الناس ويستعديهم لأنهم لا يشاركونه شذوذه وضلاله ولا يخضعون لتهديده وترهيبه وتعدياته، بل يستوجب التصدي له عزلاً وردعاً وكبحاً وقصاصاً وتقويماً. كلما كان محصوراً نطاق هذا الخلل كلما سهلت معالجته، لكننا نشهده على مستوى دول مارقة، سلوكها متهوّر وتوقها للهيمنة خطير، تهدّد دول أخصامها وتستعبد شعوبها وتهدر مصادرها الطبيعية وطاقاتها الإنتاجية على تطوير أسلحتها والتطاول على سيادة دول أخرى، لاستقطاب طوائف منها تجتذب ولاءها بادعاء “العزوة الدينية”، لتسهيل تطويعها وترويضها وتخديرها وسلب إرادتها، فتزوّدها بالدعم اللازم لتمكينها من السيطرة على الحكم في مواطنها، لتضمّه إلى “سلّة” ملكها. لقد حِيكَ في لبنان نسيج عنكبوت على هكذا نول وتجاوز الجذب بخيوطه حدود الإنشراخ. سُيّر لبنان على درب جلجلة وعرة وخطرة، رُصفت بأفخاخ دائمة التناسخ زعزعت أركان وجوده. الطامة الكبرى أنّ مصادر ألسِنة اللهب، التي أضرمت النيران في واحة الخصب والهناء اللبنانية، طرحت ذاتها كقوة، كامنة للإنقضاض على مقوّمات الدولة، حامية وضامنة لوجود “معدّل” يناسب مخططات استيلائها على لبنان كرّست لتنفيذه حرّاسها “المحلّفي” الولاء، الذين تكفّلوا احتجاز اللبنانيين رهائن لمصائد أوليائهم. شهدنا في الفترة السابقة اختطاف استحقاقات دستورية لم يفرج عنها إلّا بعد فرض التدابير التي أعدّوها لتمهيد واستكمال استئثارهم بالسلطة والقرار. الفرقاء اللبنانيون، اللائذون بكنف الدولة والحريصون على تصليب هيكلها وتعزيز سلطاتها وصيانة نظامها الديمقراطي، لم يجدوا منفذاً من الطريق المسدود سوى تسليف الأمل بتعاون منقاد بالنوايا الطيبة لتطبيع الأوضاع وتثبيت الإستقرار في لبنان. لكن الشطيرة المعسكرة من ولصالح مرجعيتها الخارجية أسكرتها نشوة القوة، فثابرت على إطلاق المبادرات المناقضة للتفاهمات وانكبّت على الأخذ والإستزادة بقوالب تحدٍّ منفّرة ومعيبة. والمؤسف أن بعض المقامات الرسمية استُنطقت تصاريح مزعزعة للتوازن ترجّح كفّة الخارجين على سلطات الدولة والقاضمين لصلاحياتها. هذا الجموح ثبّط آمال وعزائم ومرونة الأوفياء لمشروع إنهاض ركائز الدولة وإنعاش نشاطات الحياة في بلاد الأرز. الإغراق الجامح في الإستئثار بالقرار وفرض إرادة المستقوي على غيره أوصلنا إلى معضلة ميثاقية محتقنة تتطلّب إدراك خطورتها وجدية فطنة في معالجتها. إعلان رئيس الوزراء استقالته يؤشّر بمضمونها وملابساتها إلى مدى خطورة الأوضاع. التناقض بين رؤى أطياف اللبنانيين حادّ لدرجة تقتضى التبصّر والرويّة والحكمة والرزانة والإتزان والإنضباط والأمانة عند النطق واتخاذ المواقف وشقّ طريق آمن باسمهم. دقّة الأوضاع تستلزم حسّاً مرهفاً لتخطيط وسلوك درب يخدم ترسيخ المصلحة الوطنية الشاملة واستواء الشراكة وسيادة الدولة، دون تغليب أو القبول باستئثار قاهر لِفريق على حساب الآخرين. صحيح أنّ شراسة الصراعات وتشعّب المشاكل وتعدد الفرقاء المنخرطين فيها يعقّد الحلول في مناطق الشرق الأوسط ويجعلها خارج متناول أصحاب الإرادات الخيّرة، لكن هذا لا يعني صوابية رهن انفكاك القبضة الخانقة الضاغطة على لبنان، ب”انبلاج” حلول “عجائبية” لمشاكل مستعصية، فهذا أمل خلّبي. أهمّ من التعبير عن النوايا الطيبة هو بلورتها سلوكاً وإنجازات. حميد عوّاد*: مربوط ب”حبل السُّرّة” إلى الوطن ومنذور لمحبّته ورفع شأنه ومواظب على مواكبة مسيرة تعافيه

٢٢.١٠.١٧

هكذا خطفوا روح الثورة السورية: سوريا، مصبّ النيران وضحية التدمير والتشرّد، تنتظر الحلول

التلاطم الطاحن في سوريا فتح أبواب التدخل الإقليمي والدولي على مصاريعها واستقطب مقاتلين أجانب فيما يشبه حجّاً لل"جهاد". انفتحت أبواب تركيا للوافدين منهم إلى سوريا، كما شرّعت حدودها الأوروبية ل"تصدير" "خليط" من النازحين إلى أوروبا. كما انفتحت أبواب دولة "الخلافة"من العراق إلى سوريا لزحف مقاتليها وتوسيع مداها. تشكّل تحالف "غربي-عربي" لدعم فصائل المعارضة السورية بالتعاون مع الأردن وتركيا ودول الخليج، قابله انخراط إيراني كامل مباشر وبالواسطة لدعم ميداني للنظام بإشراف حرسه الثوري و"باسيجه" وعبر فصيله اللبناني وفرق مقاتلة جذبها بقوة "ولايته" المذهبية من دول متعددة وجنّدها. استتبع ذلك لاحقاً إنغماساً روسياً حاسماً لدعم النظام السوري بإقامة قواعد جوية وبحرية وفّرت قوة نارية هائلة لضرب أعدائه. شاعت الممارسلت الإرهابية "مسوّغة" الإرتكابات الإجرامية الشنيعة ك"طقوس عبادة" وطبعت وصمات وحشية التفّت حول صفوف مقاتلي المعارضة السورية ونخرت ثورتها وطالت شراراتها دولاً أوروبية وأمريكية وعربية. هذا الإجتياح زاد تشتت المعارضة وركّز الضربات العسكرية على داعش ليفضي إلى تلاشيها، وأربك التحالفات فرأينا تركيا وقطر تعقدان الإتفاقات مع روسيا وإيران إحتراساً من عواقب الخلافات مع حلفائهما الأساسيين، كما شهدنا تدشيناً لعهد جديد من العلاقات والإتفاقات بين السعودية وروسيا وانفتاحاً سعودياً لافتاً على قوى وازنة في العراق. هذا الشبك الجديد للعلاقات، على إشكالاته ورغم حدّة المواجهة بين السعودية وأمريكا مع إيران، يشيع جوّاَ من الإستقرار تثبّته عقدة التواصل روسيا بالتنسيق مع أمريكا وأوروبا. خلال كل هذه الفصول هناك مايسترو، ضليع في صرعات المنطقة وتشعّب وفاعلية علاقاته، يؤشر بإيماءاته "نوطات" قواعد "الإشتباك". مؤسف جداً إصرار بعض الحكام على اقتطاع دور لهم من خلال تبني واحتضان ودعم وتمويل تيارات مارقة متمثلين بسلوك "القذافي" راصدين المال ومستثمرين السياسة والدبلوماسية لبناء جاه نفوذ على ركام الخراب. الدمار الذي سببه هبوب وعصف النزاع في سوريا خلّف مأساة تشرّد إنسانية مفجعة للسوريين، دفعتهم إلى النزوح بأمواج بشرية عاتية تدفقت عشوائياً وبشكل طارئ حال دون التدقيق بخلفياتهم لكشف وفرز المشحونين منهم بنوايا الأذيّة، إلى الدول المجاورة وإلى أوروبا. كان نصيب لبنان، المكتظّ بكثافة سكّانه والعاجز عن استيعاب المزيد، أكبر من طاقة احتماله، إذ احتقن تجمعهم فيه، فصعبت استضافتهم وتعقّد طابع وجودهم وتقاقمت أوضاعهم الإجتماعية بلا مساعدات كافية وشكّلوا عبئاً بشرياً اقتصادياً وأمنياً، أوجب التعامل معه بحذر وتحرٍّ يقظ، ورفق ورحمة وعناية وحكمة وعدل، للتخفيف من معاناتهم ومن وطأة ثقلهم على مضيفيهم. لو تمّ التعامل مع الإنتفاضة السورية، التي هدفت لإصلاح النظام، بعقلانية ورشد، لما انزلقت إلى نزاع مسلّح شرس، توسّع إطاره واستدرج انخراط دول إقليمية ومن خارج الإقليم فيه. تضارب أهداف المتورطين من فصائل مسلّحة ودول، وضراوة الإشتباكات وتشعّب أبعادها وعمق مداها، وطغيان صبغة التطرف على فصائل المعارضين تضافرت لتسلب لُبّ الثورة وروحها، فتفكّكت تدريجياً من الداخل وجعلت الدول المناهضة لظلم النظام القائم تتكتل لترميم طاقم حكم سوري مدني مؤهّل لقيادة البلاد إلى ربوع السلام والإستقرار والأمان الإجتماعي. التحالف المثلث الأضلاع: روسيا-سوريا-إيران، انتشل النظام السوري من السقوط في الهاوية وعوّم موقعه التفاوضي وشدّ وتر التجاذب مع التكتل المناوئ وعقّد آلية إعداد وإبرام الحلّ السلمي. وبانتظار جهوزية الحلّ المناسب يقتضي الواجب الإنساني تأمين مقرّات رعاية آمنة محمية من قوى روسية-أممية داخل سوريا.

٣.٦.١٧

الإغتراب دائماً في بؤرة الإستهداف

اللمعان قد يبهر الأنظار لكنّه لا يعمي البصيرة. في المغتربات شخصبّات قياديّة مؤثّرة بممارسة أدوار فاعلة، زاهدة بمناصب وألقاب بريقها خلّبيّ، بريئة من انتشال أو انتحال صفات تمثيليّة باهتة، دائمة النشاط، تعمل دون كلل، بصدق وإخلاص وتفانٍ منذ عقود، في مدّ الجسور وفتح أقنية التواصل بين اللبنانيّين على ضفّتي انتشارهم: لبنان مهد الحضارات الرابض على شاطئ المتوسّط، ولبنان المحمول في قلوب أبنائه المغتربين الذين انسلخوا عن أرضه، وهاموا في الآفاق ما وراء البحار، سعياً إلى بيئة خصبة، ملائمة لِنموّ طاقاتهم، تمكّنهم من مدّ عروقه بِمَصْل منعش. العنفوان اللبنانيّ والطموح صِنْوُان للحريّة والإقدام والإبداع، وهي من أركان وجوده. لذا تالّقوا بمواهبهم وإنجازاتهم وانتخوا وهبّوا (لنتذكّر دعائم "ثورة الأرز")، وما زالوا منتفضين، للدفاع عن هويّة وحريّة واستقلال وسيادة وطنهم الأمّ وصيغته الحضاريّة. لتطويق وإحتواء هذا المدّ، تكرّرت محاولات لجوجة وشرسة للسيطرة الخبيثة على المؤسّسات الإغترابية من جانب الغيلان التي انقضّت، وتثابر على الإنقضاض، رغم فقدان رديف "عبّأت فراغه"، على مفاصل الحكم والنظام في لبنان. للأسف رغم تبدّل محدود وغير كافٍ في تلك البنية ما زال الخطر ماثلاً، ولو حاول التخفّي والكمون خلف وجوه لا يُركن إلى وعودها. الجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالم تأسّست لتحتضن بعطف وامانة أمنيات المغتربين باستقلاليّة كرسّوها كمؤسّسة غير حكوميّة عبر تسجيلها في دائرة شؤون الإعلام في جمعية الأمم المتحدة (DPI) وبتصديق هذا الوضع في المجلس الإقتصادي والإجتماعي التابع لها (ECOSOC). حتّى لو افترضنا تعفّف وزارة الخارجيّة والمغتربين عن أيّ هيمنة غلى الإرادة والقرار الإغترابيّين التعاون معها يجب أن يقتصر على تنسيق ملجوم بحذر بالغ من الإملاء والقيود. لا يجوز اختصار تمثيل المغتربين واستغلال طيبتهم وحبّهم لوطنهم الأم، لتحميلهم "نير" العبوديّة السياسيّة وتدجين تأقلمهم مع الوضع الشاذ الكابح لنهوض لبنان. اليقظة والثبات على مواقف العزّة والإباء، كفيلة بإحباط محاولات الإلتفاف حول الكيان الإغترابيّ الحرّ والمتميّز لتكبيله.

٢١.٤.١٧

لهفة الغيارى على ديمومة سُؤدد الوطن

المهندس حميد عواد* أبدع اللبنانيّيون بصياغة "حِلىً" ودبّجوها "جوهرة" أسموها لبنان. في موئلٍ جَسّدَ أساطير الجنّة، رصّعوا فسيفساءهم النفيسة ضمن إطار عيش ميمون، رعاه نظام ديمقراطيّ ميّزه عن محيطه بحماية الحريّات العامّة، التي لا تنزلق إلى الفوضى ولا تستبيح كرامة وحقوق الإنسان لأيّ انتهاك، وبصيانة الحقوق المدنيّة وتحفيز الواجبات واحترام وقبول الخصوصيّات، إضافة إلى تأمين إنسياب سلس لتداول السلطة. ثمانية عشر طائفة ارتجى أصحاب الطويّة الطيّبة منهم وئاماً نموذجيّاً يَبْهِتُ معه ألوان الفروقات لتذوب وتتبلور في بوتقة تجلٍّ وطنيّ صافي الولاء. لكنّ تقيّةً هجينةً تسلّلت إلى أذهان جماعات، متلبّسةً ثوب التقوى وهتكت بِكر وبتوليّة ولائهم الوطنيّ. هبّ هولاء يبشّرون بنشر وهيمنة ناموسهم جاعلينه محراثاً يفلح أرض الغير وطوفاً لا مردّ له وبديلاً للدستور والنظام القائمين. ثمّ اتخذوا من شعار إلغاء الطائفيّة غطاءً لانغراسها في نفوسهم وماسحاً لِمَحْوِ من لا يشاركهم معتقدهم. هذا الجموح الجيّاش يثيره تحريض "كفاح مَهِيْب" يتطلّب بروز أعجوبة، تدحض مُوقِديْه، لِتُهْمِده. التزمّت يكلّس الدماغ ويعطّل العقل ويمنع التحليل المنطقي ويحوّل المدنيّة إلى بداوة والنعيم إلى جحيم، إذ يحجر الأذهان في طقوس ونزعات غرائز العصور الغابرة. التنكّر لأفضال الوطن ونبذ الولاء له هما عقوق وقطع ل"حبل السُّرَّة" الممتدّ من أعماق التاريخ وتشويه لصورته الحضارية وخنق للرأي الحر الرشيد وتفريط بتضحيات اللبنانيين وإجهاض لجهودهم الخيّرة المحفّزة لنهوض الوطن والداعمة لصموده. مكافحة طاعون التزمّت الفتّاك والعداوة الغرائزيّة تكمن في تلقيح النفوس بإكسير المحبّة وترياق الأخوّة لشبك وشائج الأُلفة ودحض التلقين الملوّث بالجهل والمحقون بالكراهية. الوطن يُرفع على مناكب أبنائه الأبرار ويُعمَّر بجهد سواعدهم وشحذ مواهبهم وبذل تفانيهم. الإنجازات المجيدة المتكاملة والمتطوّرة، التي بدلت السخام بالرخام، تشهد كَمْ يعشقونه ويعزّونه ويفخرون به ويتعلّقون بانتظام موسّساته أكثر من ساسته ويحرصون على عدم تنكيس رايته من جانب المناهضين لطبيعته. الأحرار ينجذبون إلى القيادة الفذّة والفطِنة ويمحضونها التأييد والدعم طالما استنارت بالحكمة وطوّعت المصاعب واستنبطت الحلول وحفّزت النموّ وأصابت الأهداف وأثبتت جدارتها وحظيت بالثقة، لكنهم يمقتون المستبدّين وينفرون من العبوديّة وعبّاد الأصنام. ظننّا لبرهة أنّ الحداثة مَحَتْ عهود الذلّ الآفلة في غياهب التاريخ، لكنّ أرواح الطغاة الشرّرين وصانعي البدع المشعوذين نفضت غبار القبور وتناسخت في أحشاء حكّام معاصرين اشتقّّوا طبائعهم الشرسة ونصّبوا أنفسهم "قُدوة تُحتذى" لمتملّقيهم ونكّلوا بمن تحدّى سلطانهم واستهلكوا مناوئيهم واستنفدوا الكنوز وأقحلوا مصادر الخصب وسبّبوا المجاعة والتشتّت ونشروا الأوبئة. صحيح أنّ التملل والغضب من الظلم والنهب والقحط أثار شعوباً أطاحت ببعض من هذه الرؤوس، مدعومة من دول وسطى وكبرى، لكنّ النهوض من ركام المعارك وفوضى التخبّط يتعثّر ويطول. هناك من يمتطي صهوة الدين ليستقطب الأتباع ويختلس ولاء رعايا غيره جاذباً العصب العقائديّ ومتدجّجاً بالسلاح باثّاً شُهُب التخصيب الذرّي لينفخ عنفوان مشايعيه وليُروّع معارضيه البلديّين وليُرعب جيرانه. في عتمة هذا الكسوف تتألّق عظمة نضال اللبنانيّين الشهماء الساعين لإنهاض وطنهم، مضيفين رصيداً إلى ودائع التضحيات الجليلة المبذولة لصيانة عزّة الكرامة وسيادة القرار الوطنيّ المستقلّ ترسيخاً للإستقرار ونفحاً للإزدهار. التغيير هو هندسة المستقبل لا يؤتمن على تصميمها إلاّ خبراء موثوق بسعة معرفتهم وصدق دوافعهم وشبْك تعاونهم لقيادة مسيرة النمو والإرتقاء والإزدهار. عندما تتناسق المواهب المتنوّعة وتتناغم كموسيقييّ أوركسترا يعزفون، بقيادة المايسترو، نوطات الولاء في لحن النشيد الوطنيّ، عندها ينمو الوطن و يزدهر. إرتقاء سلّم التطوّر، يهديه الفكر النيّر والخلاّق، الذي يفرز عسل إبداعه من رحيق أزهار متعدّد النكهات، يرتشفه خلال مراودة نُخَبِها وتلقّيحها، بعد تحرٍّ دقيق، ليقدّمه غذاءً لذيذاً على مائدة الشراكة البشريّة. الضمائر الحيّة تتخاطر للإئتلاف في وجه خطر وجوديّ تستشعره، فلنلبِّ النداء. حميد عوّاد: مربوط ب"حبل السُّرّة" إلى الوطن ومنذور لمحبّته ورفع شأنه ومواظب على مواكبة مسيرة تعافيه*
https://twitter.com/AouadHamid/media Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights. http://hamidaouad.blogspot.com/

١٤.٣.١٧

فورة نسغ الأرز دائمة الفيض والتوثّب

حميد عواد* ضغوط هائلة تهوي بأثقالها على اللبنانيين من الأجواء الإقليمية المشحونة دون هوادة وبلا رحمة، لتنهكهم وتحبط آمالهم وتمنعهم من الإسترخاء والإستمتاع بالروائع الطبيعية التي حبا الله هذا الوطن بنعمها، ولتنتزع من متناولهم فرص النهوض والنمو والإزدهار. إنقباضات لبنان ناشئة من "حَبَلِ" الأنظمة الإقليميّة بالمشاكل والأزمات "المصدّرة" إليه عبر "حبال سرّة" " النسب المذهبيّ والقوميّ المتلاطم بشراسة والمستقطِب بحدّة من بدّاه على الهويّة الوطنيّة. مهما تنمّقت دوافع هذا الانجذاب العابر للحدود الجغرافيّة والنافذ إلى العصب العقائدي والوتر الغرائزيّ لا يمكن تغطية بشاعات فورانه وانفلاشه. من المستحيل إغفال الحروب الطاحنة الناشئة عن ضراوة تناهش النفوذ العقائدي والتحريض المذ هبي والتحدّي الإستفزازيّ والتخصيب الذُرّي والذَرّي والكسح الجغرافي والتهالك لزيادة التسلّح وإحراز تفوّق العسكري. قُيّض للبنان أن يكون متميّزاً عن محيطه بحيويّة خليطه البشريّ ونظامه الديمقراطيّ المرن، المتيح لتداول السلطة والحامي للحريّات البعيدة عن الفوضى والضامن لحقوق الإنسان، والآوي لعشّاق الجمال وحلاوة العيش وحريّة التعبير عن الرأي والمدْبرين من التزمّت والعنف والإنقلابات الدموية والقمع وإنتهاك الكرامة الإنسانيّة. في هذه الخصائص كمنَ سرّ انفتاح أبنائه على النهل من صفوة الحضارات وتوقّد طموحهم ونموّ وتنوّع مواهبهم وازدهار نشاطاتهم. فهل يُحلّل إستغلال أجواء الحرية و التسامح في لبنان للتواطؤ مع الطامعين بمحو هذا النموذج الزاخر بالخير والحاضن للتنوّع بغية زجّه في غياهب العبوديّة. الحروب تُنهك ولا تُهلك عدوّاً مفترضاً، مهما أبادت من الضحايا وسبّبت من الخراب، لكنّها تنكب الناجين من أنقاضها بإعاقات جسديّة ونفسيّة وفقر مدقع، التعافي من قروحها يطول. البناء والنهوض يقتضيان توفّر رسوّ استقرار وتوفّر مهارات ومصادر ثمّ مثابرة حثيثة وبذل جهود جبّارة وتحمّل كلفة باهظة وصرف وقت مديد فيما يطيح الهدم بالعمران وجنى العمر بومضة...قذيفة. لبنان نموذج إنسانيّ فريد ومتحف معماري رائع، كوّنته حضارات عريقة اجْتبلت فيه عبر الزمن، فاستنفد جهود أجيال طامحة وتضحيات جسيمة وقروناً من الزمن لبنائه وتطويره إلى رُتب متفوّقة في مختلف الميادين، فهل يجوز التنكّر لهذه المهابة والعظمة وإباحتها لاجتياح همجيّ. الرحمة لا تُرتجى من الجلّاد والتسامح لا يؤمل من المتزمّت والفهم لا يُرتقب من الجاهل، لذا يدرك اللبنانيّون، المؤمنون بسموّ رسالة وطنهم، أنّ وحدتهم محتّمة لصدّ هجمات نزعات التخلّف. فورة ثورة أبناء الأرز الميامين ترتعش في وجدانهم وتتأجّج في عزائمهم وتتوهّج في ذاكرتهم وتُوثّق وشائجهم وتُصلّب صمودهم لإجهاض تيّارات القهقرى. عيون المؤمنين بعزّة الوطن وعنفوان أهله والشاخصة إلى شموخ وخلود أرزه، تقاوم "مخارز" المطوَّعين لخدمة أسياد الإستبداد. إنّها وقفة جريئة وحازمة في وجه تهجين النظام وتغريب اللبنانيّين وإخضاعهم مطيّة لسلاطين هابطين من الغيب. كما هي نهدة انفراج ونهضة صعود معراج لتدعيم ركائز الدولة. قوّة الحقّ تتغلّب على فجور الباطل. فحيح الأفاعي ونفخ حُواتهم (مروّضيهم) لن يطفئ شعلة الشها مة والكرامة في وجدان الأحرار الأبرار، طالما تغذّيها أصداء وصايا الشهداء والمؤسّسين، وعطر أزهار الأرض وطِيْب محبّة الوطن. ثورة اختلاجات نَسْغ الأرز متجدّدة، ودوامُ اضطرامها حمايةٌ للصيغة الرسولية والحضارية للوطن، ومظلّةُ أمان وهناء وحرية وفخر لجميع أبنائه، وبيئةٌ خصبة لإنخراطهم في مهام النهوض والإنماء، وضمانٌ لمستقبل باهر. “تحنيط الأدمغة” يسلب الحياة ويصنع مومياءات تُحْجر في نواويس العبودية. سيادة الدولة ليست سلعة تتقاذفها أذرعة تمتدّ من أخطبوط خارجيّ إلى الداخل ولا مادّة ابتزاز لتهديد سلامة اللبنانيّين، إنّما هي أمانة في عهدة جيش الوطن وقواه العسكريّة والأمنيّة. الحرص على الوئام الأهليّ يتطلّب معالجة متروّية وحكيمة للقضايا الشائكة، وينأى عن التورّط في الحروب البديلة المُسخّرة لبسط نفوذ توّاقين إلى الهيمنة خارج حدودهم. الدول الصديقة للبنان تحترم سيادته وتسند استقراره وتمدّه بالدعم الإقتصادي والتأييد الدبلوماسيّ وتحرص على ثبات نظامه وتمتنع عن "حفر الأنفاق" الفئويّة للتسلّل إليه. تكوين فصائل مسلّحة فيه، هجينة الولاء لا تنضوي تحت سلطة الدولة، فوّض لعرّابيها قدرة لقلب النظام وقوّض مساعي الفئات المتمحورة حول مؤسّسات الدولة وأبطل فاعليّتها. حرمة السيادة تقتضي رصّ إلتفاف المواطنين لدعم مؤسسات الدولة وتعزيز دفاعاتها والتعاون مع الدول الصديقة وإلتزام المواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن المنبثق عنها. لا يريد أيّ مخلص رؤية لبنان رهينة لموازين القوى العسكريّة الإقليميّة المتبارية بنبرات التهديدات الناريّة والتوّعد بحروب الإبادة المتفلّتة من المعايير الإنسانيّة. ميزان الرعب سريع الإختلال، ومثير للهشاشة وعرضة للجنوح المفاجئ نحو الحرب. أما توازن السلام فنابع من قناعة صانعيه وهو راسخ ودائم يفتح دروب النمو والنجاح والإزدهار أمام الشعوب التى تحظى بنعمته. غالبية اللبنانيين تنشد السلام لأنّه صِنْوَ عزّهم و متجذّر في وجدانهم، و لأنّهم دفعوا و ما زالوا أثماناً باهظة لإستباحة وطنهم ساحة للحروب والصدامات مع إسرائيل وهدفاً لسيطرة "أشقّاء" مزعومين و"طفيليّين" يتغذّون من ولاء التبنّي المذهبيّ. على اللبنانيين الأباة، الذين تجاوزوا المحن المريرة ونُكبوا بممتلكاتهم وأعمالهم وبيئتهم، أن يواظبوا بثبات على دعم مؤسسات الدولة وينخرطوا فيها، وألاّ يغادروا أرضهم وبيوتهم وألاّ يبيعوها مهما كانت الإغراءات لئلاّ يسلّموا صكّ ملكيّة الوطن لمن يجيّره للغريب ويهمّشهم ويقذف بهم إلى البحر و ما وراءه. واجب مسؤولي الدولة الحرصاء على مصلحة اللبنانيين أن يبذلوا بالطرق القانونيّة كلّ الجهود المخلصة، ليحموا أمن مواطنيهم ويحصّنوا سلامة ممارسة السلطات ويؤمّنوا سبل تحصيل العيش بكرامة، من خلال إستنهاض الهمم وتوفير مصادر التمويل والإنتاج، لإطلاق تنمية شاملة وخلق فرص عمل مجدية ومجزية، وإعادة رفع لبنان إلى سدّة مرموقة ضمن نادي البلدان الراقية، وتسهيل منال العلم وتطوير مستواه وتحصين مؤسساته من الغزو الميليشياوي، وتأمين العناية الصحّية والعقليّة لكل الأجيال ولذوي الحاجات الخاصّة، من الطفولة إلى الشيخوخة، والتبشير بتربية وطنية نابعة من تراث لبنان ورسالته الحضارية، وإستيفاء حقوق المواطنين الخاصّة والعامة برفع اليد المتطاولة على أملاك الغير، وجباية عائدات دورية عن الإستثمارات القاضمة للأملاك البحرية والنهريّة العامة، وتنقية وتجهيز وزيادة فاعليّة أجهزة الرقابة لمنع الرشى والتهريب، ومكافأة الموظّفين النزهاء وحمايتهم من تعسّف رؤسائهم الفاسدين وطرد هؤلاء، وجعل مؤسّسات الدولة وسلطاتها هيكلاً للطهارة والعفّة والتفاني لا مكمناً (مغارة...) للمبتزّين، والتعجيل ببدء التنقيب المبكّر عن المخزون الغازيّ والنفطيّ، وتعديل قانون تملّك الأجانب، لحصره والحدّ من لعبة “المونوبولي” (الإحتكار) التي يمارسها لبنانيون، يموّلهم رعاتهم بهدف توسيع ملكهم وسيطرتهم على كامل أرض الوطن. كما من الضروريّ معالجة مشاكل النفايات ومنع تفاقم الكوارث البيئيّة، حمايةً للبيئة من تلوث المياه والهواء والمزروعات، وحفاظاً على صحّة الإنسان، ومعاقبة حارقي الأشجار لصنع الفحم أو قطع النادر والمعمّر منها، وقضم الجبال العشوائي بالمقالع والكسّارات التي تطحن الصّخر لتقبض ثمنه ذهباً منهوباً. حان الوقت لفكّ طوق الضيق عن اللبنانيّين لتنفّس الصعداء والتحليق مع نسور القمم في أجواء الحرّية. لذلك مطلوب عقد النوايا الطيّبة وشبْك السواعد المتوثّبة لبناء إستراتيجية نهوض، شاملة الإنعاش والنفع، مسيّجة بدفاع وطني أصيل، توجّهها سلطات الدولة بقوة الدستور والقانون وتحميها من عنوة الطغيان وخلل ميزان الشراكة والتمثيل وتحبط مصادرة القرار بتسليط سلاح فئوي متمرّد على ضوابط إمرتها. حميد عوّاد: مربوط ب"حبل السُّرّة" إلى الوطن ومنذور لمحبّته ورفع شأنه ومواظب على مواكبة مسيرة تعافيه*

٢٤.٢.١٧

لبنان نموذج متألّق وسط عتمة العمى

حميد عوّاد للفراغ قوّة شافطة تجذب التائقين لملئه، الذين لا يتورّعون عن افتعاله، لنشر فوضى تؤدّي إلى التلاشي والانهيار، يتّخذونها ذريعة للتهافت واغتصاب دفّة القيادة. لبنان في عيون الطامعين الذين يترصّدونه ويحومون حوله ويخرقون أحشاءه حمل وديع أضاع أهله فتقاطبوا واحتشدوا لافتراسه، أو سفينة تائهة تتقاذفها الأمواج يقتحمها القراصنة ويدّعون ملكيّتها. اللبنانيّون المتشبّثون ببراءة رسالتهم الوئاميّة والحضاريّة، الحاضنة لصيغة نموذجيّة مخصّبة للخير ومنمّية للطاقات ومحفّزة للإزدهار لا تدنّسها تقيّة الخبث، يشرئبّون للتصدّي للهجمات الهمجيّة التي تُشنّ على وطنهم لعدّة عقود دون هوادة. شراسة هذه الإقتحامات الخطيرة توجب شدّ الأواصر وحشد القدرات ودعم مؤسّسات الدولة واللوذ بجيش الوطن وقواه الأمنيّة العاقدة الولاء لسيادته وحريته واستقلاله وحماية مواطنيه وردع غاصبي أرضه. لبنان أثبت بمنجزات أبنائه المجلّين أنّه جدير بكلّ دعم وحماية ومظلّة أمان دوليّة لاستعادة دوره الريادي البارع ومنحه فرصة استغلال ثرواته الطبيعيّة الظاهرة والدفينة الخام الكفيلة بتوفير بحبوحة تنعش اقتصاده وتغني كلّ أبنائه. الولاء للوطن إيمان ينمو ويتجذّر في نفوس أبنائه الإبرار المعتزّين بقيمه وبهائه، فلم تغرهم الأهواء والرشاوى ولا نزعات عصبيّة محكومة بِبَنان "وصيّ" يستمدّ سلطانه من "تكليف غيبيّ" يفرز أتباعه ويربطهم بأمره. خيبة وصدمة اللبنانيّين من المتنكّرين لهويّتهم الوطنيّة عميقة ومريرة، فتيّار العقوقين عاكس وجهة بوصلة المصلحة الوطنيّة ليزخّم جرف التنوّع واقتلاع الجذور والغور في غياهب التخلّف. التنوّع البشري في لبنان خفّف من وقع شدّة الإحتقان الناشئ عن الإستقطاب الثنائي الحادّ الذي سبّبه الصراع في المنطقة. اللبنانيّون يسلسون ويطمئنّون للرقاد في أحشاء وطنهم دون غيره وهم يناصرون الحقوق المشروعة لكنّهم لا يحبّذون شحذ العصبيّات المتناحرة ونزعات الهيمنة لزجّ المنقادين وقوداً في أتّون حروب المنطقة التي استهلكت ضحايا حارمة أهلهم وبلدهم من حيوات معطاءة، كما سبّبت خراباً هائلاً وأزمة تشرّد قاسية. السعي الصادق لإخماد نيران الحروب واجتراح حلول سلميّة للصراعات هما ضرورة لوقف النزف وانتشال العالقين بين فكّي النزاع تمهيدا لتسهيل النهوض. المواهب الكامنة تنتظر الظروف الملائمة لتنضج وتنمو وتثمر. تأمين متطلّبات الرعاية وتحصيل المعرفة واكتساب المهارات والخبرة في بيئة آمنة هو السبيل السليم لصقل طاقات الناس في مناطق إقامتهم. هذه العناية تستقطب المرعيّين وتنأى بهم عن خطر الإهمال الذي يجعلهم فريسة سهلة للتضليل والإستغلال. .كلّ مسعى للرفق بالإنسان يحتضن البشر في موئل الأخوّة والتعاضد لبنان نُذر لمهمّة التعايش الخلّاق والسمح ولحماية أبنائه وضيوفه تحت قبّة التفاهم والوئام والانفتاح وحريّة الرأي والمعتقد. فطوبى لمن اعتنق هذه العقيدة وقدّمها على كلّ ما عداها. حميد عوّاد: مربوط ب"حبل السُّرّة" إلى الوطن ومنذور لمحبّته ورفع شأنه ومواظب على مواكبة مسيرة تعافيه

١٣.٢.١٧

المغتربون

نحن، المغتربين، جناح طليق الحركة وقوّي ومرن، نرفد جناح أهلنا الصامدين لنحلّق سويّة بالوطن في أجواء الحريّة والعزّة والرفاهية. فحقّ لنا وواجب علينا نصرتهم عبر مشاركتنا الفاعلة في رسم مسار الوطن الساكن في وجداننا والحاضر أبداً في بالنا. مع نمو وتألّق نجومنا في فلك الإغتراب تحوّل الوطن الصّغير إلى عملاقٍ مذهلٍ. نحن شعب مفطورعلى محبّة الوطن وعلى تنشّق نسائم الحرية والشموخ بزخم العنفوان وتدعيم قوائم السيادة وعشق الحياة وتسبيح الخالق لسخاء عطاياه فَلْنغذِّ هذا التوق. تراثنا غني وفريد ومبعث فخر فلنزده ثراء ونكفّ يد الساعين إلى تهميشه وتهشيمه. نظام لبناننا ديمقراطي يحرّك النشاط إلى أقصى مدى طاقاتنا ويصقل المواهب ويبلورها ويؤلّق إنجازاتنا، فلنصنه ونحمه من مَسخه نظاماً شمولّياً مقنّعاً. هويتنا متميّزة بفسيفساء من طبقات الإبداع ومرصّعة بالمواهب وهي متأصلة في التاريخ ومجدولة بسواعد أجدادنا ومحبوكة بقرائح وأحلام كلّ الأجيال ومزهوة بالحرية ومعمّدة بدم الشهادة ومزدانة بالعطاءات كأقباس قوس قزح، فلنحبط مراوغات وضغوط طمسها وتهجين معالمها مهما "تفذلكت" حيلها وعظم هول تهديدها. لبنان جنّة طبيعية مناخاً وجمالاًوثماراً فلنردّ عنه أبالسة الجحيم. وهو تحفة تاريخية إمتصّت رحيق حضارات عريقة، فلنحل دون تسرّب السموم إليه كيلا تُسقمه وتجعله خرائب بائدة. طوبى لأحرار لبنان المتنبّهين، إنّهم ملائكته وحرّاسه، أنفاسهم عابقة باريج أزهاره وعروقهم متّصلة بجذور أرزه، تمتصّ منها نسغ إكسير المجد والخلود،! عاش شعب لبنان حرّاً سيّداً مستقلاًّ هانئاً! حميد عوّاد: مربوط ب"حبل السُّرّة" إلى الوطن و"مدمن" على محبّته ومواظب على مواكبة مسيرة تعافيه https://twitter.com/AouadHamid/media Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights.