٥.١٢.٠٥

شتّان بين التغريد الأصيل و ترديد الهديل الناشز

حميد عواد*


عادت "الحمامة الزاجلة" هسام هسام إلى "قنّها"، بعد "تسكّعها" على "نوافذ" إعلاميين و تطفّلها على بعض المراجع و "تحرّشها" بلجنة التحقيق الدولية، المولجة كشف حقيقة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، و تبليغها الرسائل "العنقودية" المفخخة التي لُقِّنتها في "عشّها"، لتحاول تفجيرها عن بعد، عبر موجات الأثير، للطعن بمصداقية تقرير ديتلف ميليس.

و كأنّ هذا التقرير بصلبه و رمّته مبني على ادعاءات هسام، فيما هو حصيلة جهود جبّارة بذلها طاقم من النخب العالمية (100 من الإخصائيين مدعومين بأحدث التجهيزات و 40 من القضاة) المشهودي الخبرة و المعرفة الذين تمحّصوا في معلومات مئات (500) من الشهود و آلاف (60000) من الوثائق و الأدلة.

و التوسع في التحقيق ما زال جارياً و سيبلغ ذروته قريباً في جنيف، خلال "الإستماع" إلى أجوبة 5 ممن كانوا من "صنّاع الأحداث" في لبنان.

إن مجرّد عودة هسام إلى بلده سوريا مطمئنّاً و "ظافراً" من مهمّة "عرض بضاعته" "الفوّارة" هو دليل قاطع على أنه لم يكن "منشقّاً" و أن ما قام به هو مسرحية معدّة سلفاً.

إنها محاولة طريفة للتشويش على مجرى التحقيق تُساق مع جملة مناورات يعمد إليها النظام السوري للتنصّل من أحكام القرار 1636 و لتجنّب "شرب كأس" إجراء تحقيق عميق و دقيق، طليق من "الضوابط"، مع أركان مخابراته.

الحقيقة لا يمكن تجاهلها أو طمسها أو تشويهها، و التعاون من أجل كشفها يصبّ في مصلحة كل بريء اتُّهم خطأً أو افتراءً.

و طالما لا يعقل أن يشكك النظام السوري في التحقيق الدولي ظناً منه أنه على صورة و مثال التحقيقات التي يجريها محققوه، فلماذا إذن الخوف و التطيّر من تحقيق جدّي و نزيه متعدد الجنسيات و المهارات؟

و لماذا التسويف و المراوغة؟

و لماذا الخروج عن طور الإتزان و القول إن من لم يكن "عبداً" لنا فهو "عبد" لغيرنا؟

و لماذا استنفار "مكبرات الصوت" داخل لبنان و "استيلاد" "مواكبة نارية" "ضخمة" على الحدود كادت تشعل حرباً نزع فتيلها و طوّقها مسعى دولي؟

و لماذا تعليق هوية مزارع شبعا ضائعة بين حلاوة الكلام و حجب وثائق ترسيم الحدود؟

هل هو شغف بهوس "نيرون"؟ أم هي رقصة الطائر المذبوح؟

المجتمع الدولي مع غالبية اللبنانيين و السوريين يتمنون لو يتمكن النظام السوري من فكّ قيوده و خلع ذهنية الإستبداد و نهج الترويع و إنقاذ نفسه بالإنفتاح على شعبه و الإنطلاق به نحو رحاب الحرية و الإبداع و الإزدهار.

و نظراً للمنحى الخطر الذي يسلكه هذا النظام حالياً لا بدّ من تحذيره من مغبة العبث بأمن لبنان و توجيه النصح لحلفائه عندنا بتقديم المصلحة الوطنية على أي هوى آخر.

فاللبنانيون بأمس الحاجة إلى الأمن و الإستقرار و تركيز الجهود البناءة و منع إحباطها كما الإستفادة من الفرص الملائمة و الإقلاع عن هدرها.

و معيار التوافق الوطني لن يكون بالتنكّر لحقوق اللبنانيين في معرض خدمة أهداف الآخرين المسيئة إلى الوطن.

الإحتفاظ بالسلاح خارج سلطة مؤسسات الدولة هو نذير بتقويضها مهما كانت المبررات و هو استضعاف للعُزًل و وسيلة ضغط تمارس عليهم لترجيح كفة حامله، بصرف النظر عن وجهة تسديد فوّهته.

و لتعزيز الطمأنينة و رفع "وزر" حمل السلاح عن كاهل المتمسكين به، ندعو المجتمع الدولي إلى تعزيز قدرات لبنان الدفاعية و تشكيل مظلة أمنية واقية تحظّر و تردع أي نوع من الإعتداءات عليه.

لا مناص من الإلتزام بما لم ينفذ بعد من القرار الدولي 1559، فقد برِم روّاد الإستقلال اللبنانيون من الإعاقة التي يسببها لهم وكلاء التبعية الذين يحملون سلاحهم ليكونوا ذراعاً ل"حلفائهم" الإقليميين، غير آبهين برغبة شركائهم في المواطنية التائقين إلى الإنعتاق و الإنطلاق والسلام.

إننا نتساءل: حتى متى يستمر " الهديل الناشز خارج السرب" بدل ال"التغريد" في فضاء الولاء للوطن؟ و متى تكتمل الصحوة الوطنية؟

نأمل أن تتّسق الوان الأطياف اللبنانية و أن تتناغم ذبذباتها كأمواج الضوء الشمسي و ألا تُفرز، و أن "تتدوزن" اصوات كل المنشدين في جوقة الإلفة الوطنية على إيقاع النبض الوطني الأصيل!

*مهندس و أكاديمي باحث في الشؤون اللبنانية

ليست هناك تعليقات: