بقلم حميد عوّاد*
يحمل اللبنانيون الأصلاء, أينما حلّوا, محبة وطنهم الأم في قلوبهم و هموم أهلهم في ضمائرهم. لذا يعزّ عليهم و يقلقهم تحويل الجنّة الغنّاء التي أسعدت كل بنيها أيام العزّ إلى سجن رهيب, عالي البنيان, يُنكّل برهائنه فتستباح حقوقهم و يُذوّقوا أمرّ تجارب القهر و يُخضعوا لأدهى أنواع الإبتزاز. شباب لبنان الأبيّ ينتفض لأنه يرفض مسخ صرح الحضارات و فرزه أقبية للإعتقالات و يثور لأنه يستنكر التجنّي على الرأي الحرّ و الفكر النيّر و يستهجن إقفال كل منصّة يطلاّن منها. شباب لبنان يشرئبّ غضباً لأنه ضنين بكرامة أهله و حريص على عزّة و تميّز كيانه الإنساني و الثقافي و السياسي و الحضاري. شباب لبنان يتصدى لكل ظالم و مستبدّ سوّلت له أطماعه و وفرة سلاحه اكتساح لبنان. شباب لبنان يستشيط استياءً من ذهنيّة متخلّفة توسّلت السيطرة على الوطن بقوة ذراعها العسكرية و اقتحمته (و لما الإستئذان؟). شباب لبنان يكابد العذاب في عقر داره لأنه يتشبّث بحقوقه البديهيّة في العيش بكرامة و ممارسة سيادته و التمتّع بحريّة قراره و لأنه يتوق إلى مستقبل أفضل. شباب لبنان يشمئزّ من تزلّف مدّاحي البلاط سعياً وراء حظوة تُفتطع لهم من حساب الديون المتضخّمة التي ينوء تحت عبئها اللبنانيّون.
شباب لبنان يمجّ جحود الناكرين أفضال وطنهم و الغادرين بعهود التعاضد و الوئام. شباب لبنان يستهول موجة الإستخفاف بعقول الناس و محاولة قلب المقاييس, فهذا متزمّت يعيّر المنفتحين بالتقوقع و ذاك مرتزق يخوّن أبناء الوطن الأوفياء و تيك القوى العسكرية التي "غنمت" الوطن تحاكم و تجرّم مناوئي انتهاكها للقيم الإنسانية و للأسس الديمقراطيّة التي قام عليها لبنان. شباب لبنان يفضح الزندقة السياسية و يشهّر "بابتداع" قوانين تحصّن "المتصرّف" و تستبيح حقوق المواطن. شباب لبنان يهبّ لإنتشال الجمهورية من حال "الجماهيرية" الهجينة الجاهدة إلى اختطافنا من موكب الحداثة المتحفّزة لتغيّبنا في غياهب الجاهلية المتقهقرة. شباب لبنان يرذل عشوائية الإنجاب لأنه نفح روح و إعداد إنسان قبل أن يكون لفظ جسد. شباب لبنان يقاوم العبودية و لا يطيقها حتى و لو تموّهت بصداقة أو أخوّة.
شباب لبنان يكنّ الود لكل محبّ و يبادل الإحترام بالإحترام. شباب لبنان يرنو في وطنه إلى موئل آمن لإبداعه لا إلى جهنم تأكل نارها كل أماله و ترميه تائهاً أو تقتلعه لاجئاً يدقّ أبواب السفارات. شباب لبنان يطمح إلى الإضطلاع بدوره الريادي المنتج الخلاّق و يربأ بنفسه العمل مخبراً ليوشي بأخيه كذباً. شباب لبنان هو ضمير الوطن النقي من عيوب الإنتهازيين, كل اعتداء عليه هو طعنة غاشمة في صميم كل لبناني و هو تبديد لأحلام واعدة و طاقات خيّرة و هو إدانة لوحشية الجاني. شبابنا أنتم قلبنا النابض بالعافية و العنفوان و وجداننا الزاخر بالرجاء , نعاهدكم على المثابرة في نصرة الحقّ في كل مجلس و محفل حتى ينهض الوطن شامخاً حراً فاتحاً قلبه و ذراعيه فنهرع كلنا إلى أحضانه فرحين.
*مهندس و أكاديمي باحث في الشؤون اللبنانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق