١٨.٥.١٥

فحيح كراهية وسط صليل سيوف

*المهندس حميد عوّاد تتواتر أصوات مشحونة بالكراهية والخبث والفظاظة والتحريض لا ضوابط لها تثير الإشمئزاز والسخط والإدانة لدى العقول الراجحة من سامعيها لكنّها تهيّج المسلسين "لإرشاداتها" وتدفعهم إلى التورّط في إرتكاب أعمال عنف وتخريب تطال مسالمين "ذنبهم" أحوالهم الشخصيّة والروحيّة والفكريّة إضافة إلى معتقداتهم اللاهفة للتواصل والنابذة للإضطهاد والتضليل. وبما أنّ أصحاب هذه الأصوات الناشزة يسبغون على أنفسهم وظائف "توجيهيّة موجبة" ولايتورّعون عن التحريض على قتل أنفس بريئة فالواجب الأخلاقي والإنساني والقانوني يفرض على كلّ من يملك سلطة تتفوّق على سلطانهم أن يبادروا إلى إزاحتهم وتقويم المفهوم والمنهج والخطاب لمن يحلّ في مواقعهم. كذلك يجب إمداد النفوس الأبيّة المستهدفة بهذه الحملات العدائيّة والإفتراءات الظالمة بكلّ وسائل الدعم والحماية كي تتغلّب إراداتهم الخيّرة على الشرور المشرئبّة عليهم وتعينهم على الثبات في مواطنهم لإضفاء الصفاء والوئام والودّ على علاقات الناس في مجتمعاتهم. إنّ خطوات التدخّل المبتورة في المنطقة والقاصرة عن التنبّوء والتنبّه لما ينتج عن الفراغات التي انتجتها نسفت الأهداف المرجوّة وجعلت الفئات المستنكفة عن خوض الصراعات ضحيّة للوحوش الكاسرة التي تهافتت لملء الفراغات وسفك الدماء وتدمير العمران. كما سمحت للقوى والدول المتربّصة بالإنقضاض "بأحصنتها" على فرص الفرز والضمّ تحت ذرائع حماية ونصرة "المستضعفين" من أبناء ملّتها وحلفائها فيما كانت تهيّئ بجلَد وتأنٍِّ لهذا "القطاف" في السرّ والعلن. يتساءل المرء: كم تجربة مرّة غير محكمة الدراسة تحتاج الدول الفاعلة لتعتبر وتحسّن أداءها في مواجهة إرهاب التيّارات المتطرّفة والدول المارقة؟ طبعاً يحتاج هذا الأمر إلى خطط معقّدة لإعادة تكوين السلطات وبناء هيكليّة أمنيّة ومؤسّساتيّة وإداريّة صلبة تأخذ في الحسبان طبيعة المجتمعات التي تحاول استمالتها ومساعدتها وحسن انتقاء قيادة واعية وموثوقة توكل إليها مقاليد إدارة مرحلة إنتقاليّة لترميم المؤسّسات ونفض الأدران وتعقيم الفساد وتنشيط العمل السياسي وإنعاش المصادر الإنتاجيّة وتحفيز الحركة الإقتصادية وتشغيل المولّدات الثقافيّة. إنّ الأوضاع الميدانيّة في سوريا والعراق واليمن وليبيا توحي وكأنّها على حافّة الإنزلاق خارج حيّز السيطرة لكنّ المنخرطين في النزاعات يحتاجون إلى تدريب وإمدادات وتمويل وتسليح وذخائر. ومتى حجبت عنهم مصادر التمويل وأحجم رعاتهم عن دعمهم تنشلّ قدراتهم القتاليّة ويهدأ وطيس المعارك وتفتح السبل أمام خلع الجزّارين وتسهيل الحلول السياسيّة. الصعوبة الكأداء تكمن في التورّط الميداني المباشر تحت شعار توسيع ملك ونفوذ "إمبراطوريّة" مزعومة تستمدّ سلطانها من "قوى غيبيّة" ونهم في التسلّح وشبق للهيمنة ومن احتكار "كار" المقاومة والهداية الروحيّة والقتاليّة والثوريّة واتّخاذ مواقف الغلوّ والإستفزاز التي يثابر ويتناوب عليها طاقم قيادتها. وهذا ما يدفع الدول الإقليميّة التي يطالها بشكل مباشر خطر التدخّل "الإمبراطوريّ" إلى اتّخاذ تدابير وقائيّة تلامس الصدام المباشر مع النزعة التوسّعية. بين هذين المدّ والجزر تتأرجح استحقاقات لبنان الدستوريّة كسفينة تائهة بلا قبطان ويدوخ اللبنانيّن في دوّار الترّهات السياسيّة والمعاناة المعيشيّة دون أن يلوح في الأفق برّ الأمان. أكاديمي مواظب على تحرّي الشؤون اللبنانيّة* Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights. http://hamidaouad.blogspot.com/

١٠.٥.١٥

إنبعاث طيف الديجور في عصر النور

المهندس حميد عوّاد* يزداد قلق دول القارات الأوروبيّة والأمريكيّة والأوقيانيّة من خطر "اختراقات" المعتقدات المتطرّفة التي يحملها أو يتعاطف معها الذين لجأوا إليها من الخارج هرباً من الفقر والجوع في بلادهم الأصليّة. لم يكتفِ هؤلاء برفض الإندماج في المجتمع الجديد، بل راحوا يتوسّلون تنامي أعدادهم السريع المدفوع للتفوّق على السكّان الأصليين ليضغطوا باتجاه فرض عاداتهم البالية عليه والسعي لتغيير الأنظمة المدنيّة العلمانيّة الديمقراطيّة الراسخة فيه. وكأنّ الرأفة والاحتضان للنفوس البشريّة المعانية انقلبا على المحسنين جحوداً وعقوقاً وعداءً. العديد من هؤلاء لا يتورّع عن الإفصاح عن "طموحه" لقلب الأنظمة القائمة لإستبدالها بأنظمة بائدة عالقة في ذهنه مستفيداً من حريّة التعبير وممارسة المعتقد الممنوحة لطعن مانحها في الصدر. بعد غفلة طويلة أدرك العالم المتحضّر خطورة ضمور ديمغرافيّة سكّانه الأصليين تجاه تنامي أعداد اللاجئين إليه بهدف إغراقه في طوفهم. وكأن القيم الديمقراطيّة والتعاطف الإنسانيّ غدت ثغرات ضعفٍ نفذت من خلالها قرون مقتلها. لا شكّ أنّ مواكب حاشدة من المهاجرين وفدوا إلى الدول المتطوّرة حاملين معهم علمهم ومهاراتهم ونواياهم الطّيّبة للإسهام في إغناء طاقاتها البشريّة ونمو انتاجها وازدهارها ورخائها. هؤلاء شكّلوا قيم إضافيّة للمجتمعات الجديدة التي حلّوا وتألّقوا فيها. من أخطاء العالم المتحضّر، السقوط في وحول سياسة الكيل بمكيالين وغضّ الطرف عن مساوئ وشذوذ وأخطار أنظمة مارقة كرمى لمصالح اقتصاديّة وسياسيّة والاضطرار للتنكّر للمبادئ التي ارتكزت عليها أنظمتهم وفي طليعتها حماية كرامة وحقوق الإنسان وصيانة ميزان العدالة وتوفير فرص النمو والرقيّ لسائر المواطنين. لبنان الناشر شباكه البشريّة البارّة عبر العالم هو حليف أمين ومرموق ومشرق للغرب في هذا الشرق الداجي. وهو يتعرّض لتجاذبات شرسة من طرفين متعصبّين يحاولان جاهدين للهيمنة على كيانه المتميّز والفريد والمنفتح الآفاق ومحاولة تفكيكه وهو لذلك بحاجة إلى حماية أمميّة متماسكة وحازمة تكفّ كيد أصحاب النوايا الشرّيرة. كفى لبنان واللبنانيّين طحناً بين أحجار الرحى التي تحرّكها صراعات الدول الإقليميّة وحلفائها. ليس من مصلحة الدول الصديقة أن يبقى لبنان المضياف والمنتجع والملاذ ونافث الإنعاش وخليّة النشاط وواحة الحريّة محاصراً ببؤر الإضطرابات التي تهدّد صيغته ومواثيقه ونظامه ومزاياه الحسنة، لتجعله رهينة لطوابير الدول الجامحة لابتلاعه. لبنان هو حصن متقدّم للديمقراطيّة ومختبر للتفاعل البشري لا غنى عن وجوده. النجاح في كبح وحصر وردع المتلهّفين لتحنيطه هو نجاح لإبعاد كارثة تهدّد باجتياح مجتمعات الغرب والمعمورة. خطوة أولى طالت إعاقتها هي انتخاب رئيس فذّ للجمهوريّة يجب المساعدة في الإفراج عنها لفتح منافذ انطلاق عمل السلطات والاستحقاقات الدستوريّة. .المطلوب دوزنة علاقات الغرب مع سائر الدول مع ما يتلاءم مع قيمها كيلا تسيئ إلى مصداقيّتها *أكاديمي مواظب على تحرّي الشؤون اللبنانيّة