١٢.١٢.١٧

إكتظاظ تواريخ إغتيالات أبطال من نخب الوطن

*حميد عوّاد اكتظّت روزنامة الوطن وغصّت بفواجع اغتيال لفيف من صفوة أفذاذه حتى انطبع اليوم الواحد بأكثر من ذكرى أليمة. إغتيال العميد الركن فرنسوا الحاج الذي كمن له وغدر به وبسائقه الرقيب أول خيرالله هدوان (12/12/2007) ممتهنو الإجرام، أضاف إلى "مهر" الشهادة المبذول في سبيل العزّة والإستقلال رصيداً نفيساً. لقد سجّل هذا الضابط المغوار، خلال خوضه ببسالة فائقة معارك ضارية دفاعاً عن الوطن وحمايةً لأمن أهله، مآثر مشرّفة مضمّخة بدماء التضحية وممهورة بعرابين الوفاء، منها أدارته العالية الكفاءة التي كلّلت بالنجاح عمليات جيشنا الباسل الذي دوّن ملحمة أُسطورية خلال مواجهة شراذم الإرهاب في "نهر البارد"، المصدّرة إلينا من شرقي الحدود. فيما مهّد سجلّ العميد الركن فرنسوا الحاج إستحقاق خلافة قائد الجيش العماد ميشال سليمان المنذور لتسلّم سدّة الرئاسة، كمن له محترفو الغدر والإجرام بُعيد منزله وفجّروا حقد آمريهم في سيارة مفخّخة، فإختصروا سيرته المجلية و أفجعوا أهله وأبناء بلدته والجيش والوطن بفقدان بطل ميمون، في الذكرى السنوية الثانية لإغتيالهم قائداً مقداماً وخطيباً ملهماً من قادة "ثورة الأرز" شهيد الحرية والعنفوان الوطني "ديك النهار" المدوّي صياحه في ضمائرنا جبران تويني. شهداء الوطن الأبرار وأبناؤه الشرفاء يستحقون التطويب كقدّيسين لعظمة تضحياتهم وجلل إبائهم ومهابة صبرهم وقوة شكيمتهم وعمق إيمانهم وسُمُوّ تفانيهم. فوفاءً بِغَيض من فيض عطائهم وجب الإسراع بإعلان مضبطة إتهام عصابات القتل وشبكات الإجرام المترابطة وسوقهم من اوكارهم ومعاقلهم إلى المحكمة الدولية المعدّة خصّيصاً لمحاكمتهم، فيسلم اللبنانيون من شرورهم وينطلقوا بزخم مضطرد في تدعيم ركائز الديمقراطية والسيادة والإستقلال وإكمال ترميم المؤسسات وإصلاح الإدارات وتنظيم القضاء وفصل السلطات في الجمهورية اللبنانية. لكن للأسف الشديد إن الذين يعيقون ويحبطون مساعي ترسيخ أُسس الدولة ببتر بعض مؤسساتها وتعطيل ممارسة مهام حيوية لبعضها الآخر وإثارة البلبلة والشغب والتهديد على إيقاع قرقعة السلاح، يفتحون الدرب واسعة أمام حملة السلاح غير الشرعي ويؤمنون الغطاء للعمل الإجرامي المنظم الممعن في تصفية .نخب قيادية من الرعيل الإستقلالي المعاصر لقد درج الفجّار على السلوك الفظّ والوحشيّ: حاور وناور، عِدْ وراوغ، خذ وطالب، قبّح مزايا الآخرين وجمّل عيوبك، تمسكن وابطش، إطلب الرأفة وافجر، تظلّم واظلم، جوّع الناس وخُض معركة إطعامهم، عزّز الأذلاء واقمع الأحرار، إدعم الجهلة واقصِ المثقفين، أطلق السفاحين واسجن المفكرين, إرتكب المنكر وانسبه إلى خصمك، نادِ بالسلام ومارس العنف، اغتصب حقوق الغير وطالب بالإنصاف، تطمّع وتعفّف، كرّس إرادتك قدراً لا مردّ له، إصقل شهوتك للسلطة لتبدو مشتهىً وطنياً وقومياً، أضمر الغلبة وادّعي المساواة، فرّق وسُدْ، قسّم وإدّعِ التوحيد. يجب أن يدرك المشاكسون أنهم ساهموا بحرمان اللبنانيين من شخصيات فذّة إمتدت إليها يد الغدر وأساؤوا إلى ذكراهم وخانوا أمانيهم، كما حرموهم من نعمة بديهية طال توقهم إليها وهي الإستقرار والطمأنينة، وحرموهم من خيرة أبنائهم الذين يغادرونهم سعياً وراء عيش كريم ومورد رزق، وحرموهم من فورة إقتصادية توفرها لهم توظيفات فائض أسعار النفط وقد ذكرنا بها مع أسف ومرارة العديد من مسؤولي دول الخليج. ليكن مفهوماً أن لا شرعية ولا مصداقية لأي مطلب يُرفع كحائل يعيق نهضة الوطن وكحبل يلتفّ حول أعناق أبنائه. حميد عوّاد*: مربوط ب"حبل السُّرّة" إلى الوطن ومنذور لمحبّته ورفع شأنه ومواظب على مواكبة مسيرة تعافيه https://twitter.com/AouadHamid/media http://hamidaouad.blogspot.com/ Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights.

١١.١٢.١٧

تخاطر مع فكر جبران تويني وروحه

حميد عوّاد* التفسّخ في الفسيفساء البشرية التي نمت داخل لبنان نتج عن تشعّب وتغلغل جذور البعض خارج "أرضه"، وما زادها تفككاً "فضول" وخروقات الوافدين الذين "طعّموها بزؤانهم"، وتخريب "غارات الغزاة" الذين استباحوا حياض الوطن. كلّفنا الخلل هزّات زعزعت الكيان وفتناً مأساوية مدمرة خلعت غطاء الدولة عن اللبنانيين فانكشفوا أهدافاً سهلة للشررين التوّاقين إلى تحويل لبنان ميداناً، مجرّداً من مقومات الدولة، مباحاً للمغامرات العسكرية، و مشرّعاً لأطماع و نفوذ الأنظمة الهجينة المتخلفة، لتختطفه رهينة لإبتزاز المكاسب، و تجعله سجناًً لأسر الأحرار و مقبرة جماعية لوأد الفكر الحر. التنكيل"الخشن" الذي مارسه "الهجّانة الخوارج" نكبنا بالتدمير العمراني والإقتصادي والمؤسساتي وخسارة شهداء وُدَعاء ومقاومين مقدامين تصدّوا للمعتدين. للوحات الجلاء المنصوبة شواهد فوق "نهر الكلب" إضافات وملحقات خلّف آخرها لفيفاً من شهداء "ثورة الأرز" بَانَ، إضافة إلى تورطه، شراكة داخلية "نهضت" لاستكمال مهام تنكيله بشتّى الأساليب والتصاميم الحبلى بالتقيّة. خارج تقويم التقوقع الفئوي، التقويم الوطني المعتمد من حاملي الهوية، ليس "بروتوكولياً" مطبوعة في بطاقة وإنما مدموغة في الوجدان، يغصّ بتواريخ محطات استشهاد. في مثل هذا اليوم (12/12) سنة 2005 اغتيل، غداة "رصد" وصوله من باريس، جبران غسان جبران النائب في مجلس التشريع اللبناني العريق ورئيس مجلس إدارة "النهار" الغرّاء الذي أطلق "ثورة" فكرية من مكاتبه فيها تقارع بالأقلام رصاص وظلم ووحشية الطغاة، حيث احتضن في منابرها صفوة الكتّاب اللبنانيين والعرب المنتفضين ضد تخلّف حكّامهم صوناً لكرامة وحرية وسيادة شعوبهم. حمل الشهيد جبران حب لبنان في صبغيات دمه ونبضات قلبه وخلجات وجدانه، وسكبه مقالات بليغة في صفحات "النهار"، المنبر المرموق من القراء المتميزي التدقيق والجذاب لنخب رجال الفكر الأفذاذ، وصاغه جوهرة في المنتديات العالمية وبشّر بقيم الحرية والإنفتاح والعدالة والديمقراطية، و شنّ بجرأة لا تضاهى حملات شعواء على هيمنة النظام السوري على لبنان طالت مباشرة اركانه، وانتقد بصرامة بيادقه الذين تواطؤوا معه في ترويع المواطنين و تورطوا في التنكيل بالعاصين عليه من عنقود قناديل الحرية والسيادة والاستقلال، ليتكافؤوا حصصاً مختلسة من أصول وأملاك وموجودات الدولة وأموالاً نُهبت من خزائن مداخيلها ومن الديون العامة المتضخمة الساحقة للبنانيين والكابحة لتقدمهم. تفتقت "براعم" القريحة القيادية في لبّ جبران فشاء أن يكون قائداً قدوة لشباب وطنه، فانطلق بنشاط لا يستكين يحفّزهم على الإنخراط الفاعل في الحياة الوطنية لإطلاق ورشة إصلاح وضخّ النشاط المغذي وكسح مصادر الفساد وحثّهم عل تشكيل "حكومة ظل"، ولاقاهم في المنتديات وخصّهم ب"ملحق الشباب" في "النهار" وساهم في دفع مسيرة نضالهم في زمن القمع حتى نُضج "ثورة الأرز". حتى "الصوت يوّدّي" أبعد، أطلقهُ جبران عالياً وصريحاً بأبلغ تعبير، وقوّى "بثّ" "النهار" باستضافة كتاب متنورين وحمل "ديكه" معه إلى منابر "ثورة الأرز". إلتزم جبران مع نظرائه من قادة الفكر حماية مميزات كيان لبنان المنبثق من تاريخ عريق اختبر تلقّح حضارات غنية والمنطلق تحليقاً في أجواء العالم المتجدد التطور والإبتكار والمنكبّ على ابتداع مزيد من السبل لتعزيز الكرامة الإنسانية وتنمية حقوق الإنسان. هذا الطموح يقتضي دائماً رفع شأن لبنان فوق منال القوى الغاشمة المتعطشة لسفك دم الأحرار ظنّاً أنّ الإبادة الجسدية كافية لمحو "وباء" حرية الفكر الخلّاق وزهق عنفوان النفوس المتوهجة الاتقاد. عقول المجرمين مشحونة بغرائز القتل وعاجزة عن فهم لغة الحوار. إزاء لذع "اللهب الفكري" الذي قذفه بهم جبران، وفشلهم في مقارعته بالحجة، عمدوا إلى القتل ليشفوا غليلهم، فمزقوا جسده أشلاء، لكنهم ما محوا كلماته ولا ألغوا فكره ولا طمسوا منجزاته. "شُطب" اسم الشهيد جبران تويني من لائحة "المرشحين" للإغتيال ليكتب بأحرف من ذهب في قائمة شرف لباذلي أسمى التضحيات في سبيل عزة لبنان، دُوّنت في سجلّ تاريخه و حُفظت في ذاكرة الأجيال تخليداً لعطائه و تفانيه. حميد عوّاد*: مربوط ب"حبل السُّرّة" إلى الوطن ومنذور لمحبّته ورفع شأنه ومواظب على مواكبة مسيرة تعافيه https://twitter.com/AouadHamid/media http://hamidaouad.blogspot.com/ Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights.