٣.٦.١٧

الإغتراب دائماً في بؤرة الإستهداف

اللمعان قد يبهر الأنظار لكنّه لا يعمي البصيرة. في المغتربات شخصبّات قياديّة مؤثّرة بممارسة أدوار فاعلة، زاهدة بمناصب وألقاب بريقها خلّبيّ، بريئة من انتشال أو انتحال صفات تمثيليّة باهتة، دائمة النشاط، تعمل دون كلل، بصدق وإخلاص وتفانٍ منذ عقود، في مدّ الجسور وفتح أقنية التواصل بين اللبنانيّين على ضفّتي انتشارهم: لبنان مهد الحضارات الرابض على شاطئ المتوسّط، ولبنان المحمول في قلوب أبنائه المغتربين الذين انسلخوا عن أرضه، وهاموا في الآفاق ما وراء البحار، سعياً إلى بيئة خصبة، ملائمة لِنموّ طاقاتهم، تمكّنهم من مدّ عروقه بِمَصْل منعش. العنفوان اللبنانيّ والطموح صِنْوُان للحريّة والإقدام والإبداع، وهي من أركان وجوده. لذا تالّقوا بمواهبهم وإنجازاتهم وانتخوا وهبّوا (لنتذكّر دعائم "ثورة الأرز")، وما زالوا منتفضين، للدفاع عن هويّة وحريّة واستقلال وسيادة وطنهم الأمّ وصيغته الحضاريّة. لتطويق وإحتواء هذا المدّ، تكرّرت محاولات لجوجة وشرسة للسيطرة الخبيثة على المؤسّسات الإغترابية من جانب الغيلان التي انقضّت، وتثابر على الإنقضاض، رغم فقدان رديف "عبّأت فراغه"، على مفاصل الحكم والنظام في لبنان. للأسف رغم تبدّل محدود وغير كافٍ في تلك البنية ما زال الخطر ماثلاً، ولو حاول التخفّي والكمون خلف وجوه لا يُركن إلى وعودها. الجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالم تأسّست لتحتضن بعطف وامانة أمنيات المغتربين باستقلاليّة كرسّوها كمؤسّسة غير حكوميّة عبر تسجيلها في دائرة شؤون الإعلام في جمعية الأمم المتحدة (DPI) وبتصديق هذا الوضع في المجلس الإقتصادي والإجتماعي التابع لها (ECOSOC). حتّى لو افترضنا تعفّف وزارة الخارجيّة والمغتربين عن أيّ هيمنة غلى الإرادة والقرار الإغترابيّين التعاون معها يجب أن يقتصر على تنسيق ملجوم بحذر بالغ من الإملاء والقيود. لا يجوز اختصار تمثيل المغتربين واستغلال طيبتهم وحبّهم لوطنهم الأم، لتحميلهم "نير" العبوديّة السياسيّة وتدجين تأقلمهم مع الوضع الشاذ الكابح لنهوض لبنان. اليقظة والثبات على مواقف العزّة والإباء، كفيلة بإحباط محاولات الإلتفاف حول الكيان الإغترابيّ الحرّ والمتميّز لتكبيله.