٢٢.١٠.١٧

هكذا خطفوا روح الثورة السورية: سوريا، مصبّ النيران وضحية التدمير والتشرّد، تنتظر الحلول

التلاطم الطاحن في سوريا فتح أبواب التدخل الإقليمي والدولي على مصاريعها واستقطب مقاتلين أجانب فيما يشبه حجّاً لل"جهاد". انفتحت أبواب تركيا للوافدين منهم إلى سوريا، كما شرّعت حدودها الأوروبية ل"تصدير" "خليط" من النازحين إلى أوروبا. كما انفتحت أبواب دولة "الخلافة"من العراق إلى سوريا لزحف مقاتليها وتوسيع مداها. تشكّل تحالف "غربي-عربي" لدعم فصائل المعارضة السورية بالتعاون مع الأردن وتركيا ودول الخليج، قابله انخراط إيراني كامل مباشر وبالواسطة لدعم ميداني للنظام بإشراف حرسه الثوري و"باسيجه" وعبر فصيله اللبناني وفرق مقاتلة جذبها بقوة "ولايته" المذهبية من دول متعددة وجنّدها. استتبع ذلك لاحقاً إنغماساً روسياً حاسماً لدعم النظام السوري بإقامة قواعد جوية وبحرية وفّرت قوة نارية هائلة لضرب أعدائه. شاعت الممارسلت الإرهابية "مسوّغة" الإرتكابات الإجرامية الشنيعة ك"طقوس عبادة" وطبعت وصمات وحشية التفّت حول صفوف مقاتلي المعارضة السورية ونخرت ثورتها وطالت شراراتها دولاً أوروبية وأمريكية وعربية. هذا الإجتياح زاد تشتت المعارضة وركّز الضربات العسكرية على داعش ليفضي إلى تلاشيها، وأربك التحالفات فرأينا تركيا وقطر تعقدان الإتفاقات مع روسيا وإيران إحتراساً من عواقب الخلافات مع حلفائهما الأساسيين، كما شهدنا تدشيناً لعهد جديد من العلاقات والإتفاقات بين السعودية وروسيا وانفتاحاً سعودياً لافتاً على قوى وازنة في العراق. هذا الشبك الجديد للعلاقات، على إشكالاته ورغم حدّة المواجهة بين السعودية وأمريكا مع إيران، يشيع جوّاَ من الإستقرار تثبّته عقدة التواصل روسيا بالتنسيق مع أمريكا وأوروبا. خلال كل هذه الفصول هناك مايسترو، ضليع في صرعات المنطقة وتشعّب وفاعلية علاقاته، يؤشر بإيماءاته "نوطات" قواعد "الإشتباك". مؤسف جداً إصرار بعض الحكام على اقتطاع دور لهم من خلال تبني واحتضان ودعم وتمويل تيارات مارقة متمثلين بسلوك "القذافي" راصدين المال ومستثمرين السياسة والدبلوماسية لبناء جاه نفوذ على ركام الخراب. الدمار الذي سببه هبوب وعصف النزاع في سوريا خلّف مأساة تشرّد إنسانية مفجعة للسوريين، دفعتهم إلى النزوح بأمواج بشرية عاتية تدفقت عشوائياً وبشكل طارئ حال دون التدقيق بخلفياتهم لكشف وفرز المشحونين منهم بنوايا الأذيّة، إلى الدول المجاورة وإلى أوروبا. كان نصيب لبنان، المكتظّ بكثافة سكّانه والعاجز عن استيعاب المزيد، أكبر من طاقة احتماله، إذ احتقن تجمعهم فيه، فصعبت استضافتهم وتعقّد طابع وجودهم وتقاقمت أوضاعهم الإجتماعية بلا مساعدات كافية وشكّلوا عبئاً بشرياً اقتصادياً وأمنياً، أوجب التعامل معه بحذر وتحرٍّ يقظ، ورفق ورحمة وعناية وحكمة وعدل، للتخفيف من معاناتهم ومن وطأة ثقلهم على مضيفيهم. لو تمّ التعامل مع الإنتفاضة السورية، التي هدفت لإصلاح النظام، بعقلانية ورشد، لما انزلقت إلى نزاع مسلّح شرس، توسّع إطاره واستدرج انخراط دول إقليمية ومن خارج الإقليم فيه. تضارب أهداف المتورطين من فصائل مسلّحة ودول، وضراوة الإشتباكات وتشعّب أبعادها وعمق مداها، وطغيان صبغة التطرف على فصائل المعارضين تضافرت لتسلب لُبّ الثورة وروحها، فتفكّكت تدريجياً من الداخل وجعلت الدول المناهضة لظلم النظام القائم تتكتل لترميم طاقم حكم سوري مدني مؤهّل لقيادة البلاد إلى ربوع السلام والإستقرار والأمان الإجتماعي. التحالف المثلث الأضلاع: روسيا-سوريا-إيران، انتشل النظام السوري من السقوط في الهاوية وعوّم موقعه التفاوضي وشدّ وتر التجاذب مع التكتل المناوئ وعقّد آلية إعداد وإبرام الحلّ السلمي. وبانتظار جهوزية الحلّ المناسب يقتضي الواجب الإنساني تأمين مقرّات رعاية آمنة محمية من قوى روسية-أممية داخل سوريا.