٩.١٢.١٥

مرشّح فاضل لترؤس جمهوريّة "فاضلة"

المهندس حميد عوّاد* حيال طرح عباءة الرئاسة على من أُلبس سابقاً عباءة "زعامة" و"أخوّة" سوريّة، أكرّر القول إنّه من حقّ حكماء وممثّلي كامل أطياف "قوس قزح" المسيحيّن في لبنان أن يجتمعوا، بدعوة بطريكيّة في بكركي، ليزكّوا أسماء المؤهّلين لقيادة سفينة الدولة والحكم في هذه المرحلة العصيبة والحرجة. فالطائفة المارونيّة كغيرها من الطوائف غنيّة بالشخصيّات الفذّة والحصيفة والواسعة المعرفة والمعرّكة بالخبرة والصافية بولائها الوطنيّ ونزاهتها ومناقبها وصراحتها وضميرها التي تنضح وتبثّ وتبعث وتثير المهابة والثقة والطمأنينة في النفوس. هذه المزايا ليست حكراً على "زعماء" ركبوا تيّارات موروثة أومستحدثة التوليد وإنّما يستحوذها، بشمول نطاقها، قادة رأي مستحقّون دون الحاجة لركوب المناكب، واللبنانيّون المحتشدون خارج تلك الصفوف لهم وزن راجح. الغليان المحيط بلبنان ينعكس اضطراباً وتصدّعاً داخله يحتّمان سحبه خارج نوّ دوّامته بقوّة قائد وطاقم حكم قديرين يكفّان أيادي المتلاعبين بدستور وقوانين وسلطات ومؤسّسات الدولة، ويكبحان جموح المنفلتين من فلك الإنضباط الوطني ويسيّجان حدود الوطن ويحرّران قراره من قيود وهيمنة الدول التي تمعن باختراق سيادته ولو عبر اتباع محليين. توق هكذا قائد وطاقم حكم إلى تقويم وتصحيح العلاقات مع الخارج، يفتح ابواب التعاون البنّاء ويقفل "النوافذ الخلفيّة" بوجه التسلّل والعبث بأسس الدولة وحياة المواطنين. كما يكون، بطبيعته النقيّة وتركيبه الخالي من العيوب وتأثيره المنشّط، مضاداً للفساد ونافخاً للعافية ونافحاً لهالة من الثقة تشعّ في كلّ اتجاه. خطّة هذا الفريق الناجح رفع المصلحة الوطنيّة نحو شموخ الأرز مستلهماً مغازي "خريطة" العلم الوطنيّ. فريق حكم قدير يعيد للبنان رسالته وهويّته وصحّته ونشاطه ورونقه ودوره الريادي ويستثمر فيه مناجم المعرفة والخدمات وآبار البترول والغاز الدفينة ويستغلّ متحف لبنان الأثريّ والحضاريّ والسياحيّ. فريق حكم وطيد لا يرهبه ترهيب ولا يغريه ترغيب يكون معيناً ومدداً للنفوس الحرّة والقويّة والأبيّة ورافعةً للنفوس الضعيفة ومروّضاً للنفوس الجامحة والمتمرّدة والشاردة يعيدها إلى رشدها ويأويها في هدأة ورعاية كنف الوطن. فريق حكم رشيد يقنع المهتاجين والمتهوّرين بالإنكفاء عن النار الملتهبة "خلف" الوطن كي لا يستخدمهم "الغير" وقوداً لها بينما يوفّر هذا الغير "نفسه" من لذعها ليقبض " ديّتهم" في سوق التفاوض على التسويات التي تُعدّ. في "حجب دخان" هذه النار، التي يؤججها "وقود دفينة" ومستوردة، يأتلف ويختلف مضرموها و"مطفئوها" ليحصوا آلاف الأشلاء ويحصدوا مآسي نزوح مئات آلاف المذعورين. فريق حكم يعلّم محبّة الوطن ويرفعها في وجدان مواطنيه إلى مرتبة فضلى لا يفوقها أيّ هوىً (هوى وطني فوق كلّ هوى جرى في عروقي مجرى دمي). فريق حكم يجعل الوطن محضناً رؤوماً وآمناً يحتضن أبناءه المغتربين والمقيمين ويولي العناية اللازمة لمئات آلاف اللاجئين على أمل حلّ مشكلتهم بمساعدة المجتمع الدوليّ. هذا المجتمع الدولي الذي استوعب تضاد القطب الروسيّ، بعدما تفاقم الإرهاب وتناسخت عمليّاته لتروّع الوجدان الإنسانيّ، جمع شمله ليصعّد وينسّق غاراته الجويّة على الكيان الهجين المتدثّر زوراً بالدين ويكثّف مساعيه لتفعيل تفاوض سوري ينهي النزاع ويمهّد لابتداع صيغة حكم تلائم مرتجيات كامل شرائح المجتمع السوري. القضاء على الأرهاب يقتضي، إضافة إلى اجتثاثه من بؤره واقتلاعه من جذوره، تقصّي ومقاصصة مموّليه ومفخّخي أذهان وأجساد العالقين بحبائله وإقفال وسائل تواصلهم. *أكاديمي مواظب على تحرّي الشؤون اللبنانيّة* Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights. http://hamidaouad.blogspot.com/

١٤.٩.١٥

الوحش يفترس حتّى مروّضه

المهندس حميد عوّاد* أسلم الحلول للمشاكل والخلافات هو الحوار و"التفّهم والتفاهم" بتحكيم المنطق وإدراك حدود الحقوق والواجبات. الظلم والقهر والتنكيل والحرمان والاستبداد والذلّ هو خليط متفجّر يحشو أحشاء المظلوم مرارةً وغضباً ينتظران صاعقاً وشرارةً ليتفجّرا ثورةً نجاحها مرهون بالحفاظ على نقائها وتوفّر قيادة متفانية وفطنة وشجاعة. الثورة المسدّدة نحو الأهداف المحقّة تبلغ غاياتها خاصّة إذا افتداها أهلها وقادتها ببذل تضحيات نفيسة. لكن إذا أصابها الوهن والتشتّت و"غزاها" الإنحراف ألمّ بأهلها الخيبة والإحباط والضياع. كما أنّ "الفورة" التي لا تستند إلى قضيّة محقّة تتحوّل إلى فوضى خلّاقة مآسٍ وحروب وفقر وجوع ونزوح. الثورة على النظام في سوريا غُزلت خيوطها وخيوط غريمها على محاور إقليميّة مذهبيّة متنازعة وتسلّل إلى متنها منحرفون همّشوا الممثّلين الأصلاء لمعارضي النظام وسطوا على حيّز كبير من الأراضي السوريّة مشكّلين عقبة كأداء تعترض مسار كلّ مبادرة لحلٍّ سلميّ يوقف النّزف ويؤدّي إلى ترميم الفسيفساء التي تشلّعت. وفي العراق أدّى إسقاط النظام البعثيّ وحلّ كلّ مؤسّساته، دون تأمين بديل ملائم ومؤهّل وقادر على إنجاز وإحلال التحوّل الديمقراطيّ، إلى تفكّك الموزاييك البشريّ الذي يتركّب منه المجتمع العراقيّ وإلى فتح المجال لإختراق إيرانيّ رجّح كفّة نفوذه وأشعل حرباً أهليّة مذهبيّة أبرزت دوراً متعاظماً لجماعة من المتطرّفين المنحرفين نصّبوا أنفسهم حماةً لأهل السنّة وتوسّعوا في انتشارهم داخل الأراضي السوريّة. كذلك في ليبيا عدم التحضير الكافي لإعداد فريق من الأركان الكفوئين لإيكالهم إدارة المرحلة الإنتقاليّة لإعادة بناء الدولة بعد إسقاط القذّافي والتسليح العشوائيّ لمختلف المليشيات أغرق ليبيا في دوّامة دمويّة شبيهة بحرب عصابات تتناتش السيطرة على آبار البترول وأرصدة النفوذ في الدولة الليبيّة. تتفق الدول على أولويّة اجتثاث الإرهاب وتقصف تجمّعاته من الجوّ لكن تفشّيه في مناطق سكنيّة سيطر عليها تجعل المهمّة صعبة ما لم يكن التصدّي البرّي له فعّالاً وحاسماً. إيران وروسيا تستفيدان من الأجواء السائدة لتبرّرا التزامهما الوثيق الإنخراط لحماية النظام السوري بينما تحالف الدول الغربيّة والعربيّة تدعم معارضة معتدلة نافستها فصائل متطرّفة ارتكبت الفظائع. لا شكّ أنّ تهافت الدول الإقليميّة لإقتطاع أنصبة من النفوذ في الأنظمة الجديدة تتعارض مع بناء هيكليّة ديمقراطيّة استهدفها التغيير أساساً هو عامل نسف الجهود وعمّم الفوضى في الدول المأمول ترميمها "بحلّة" جديدة معاصرة. إستشراء الفوضى أمّن مناخاً خصباً لنمو إرهاب لفح لظاه دولاً إقليمية وخارج منطقة الشرق الأوسط أيضاً وسبّب أمواجاً من النزوح البشري الهائل من مناطق الصراع (أهمّها سوريا) نحو أوروبا إضطرت إلى البدء باحتوائه خاصّة بعد تركيز الأضواء الإعلاميّة على صورة جثّة الطفل إيلان كردي (غرق معه أخوه وأمّه) الذي جسّد مأساة المخاطرين بأرواحهم وأموالهم بركوب مراكب مكتظّة معرّضة للغرق خلال إبحارهم مع "قباطنة" يقلّونهم "خلسةً" من تركيا وشمالي أفريقيا نحو الجزر اليونانيّة والإيطاليّة. فيما يغرق اليائسون في لجج المتوسّط يغرق اللبنانيّون في اكوام النفايات (ومنها الأطعمة والأدوية الفاسدة) والعتمة والعطش وزحمة السير والتلوّث وفساد البيئة السياسيّة والإدارات العامة والمخاطر الأمنيّة والبطالة والعوز والحاجة إلى العناية الصحّية والتعليميّة وتوفير فرص العمل. لقد رمى العديد من السياسيّين في لبنان ولاءهم الوطنيّ ومصالح المواطنين والدستور والقوانين في ""سلّة النفايات" خاصّة الذين اختطّوا بسلاحهم الفئويّ فتاوى دستوريّة غير مألوفة تجعل من إرادة أوليائهم القدر الذي لا يُردّ. فالمشاركة في عرفهم هي بصم الآخرين على ما يرتأونه وإلّا يصبّون ضغوطهم لشلّ عمل المؤسّسات وتعطيل الإستحقاقات وتفويت المنح والهبات والقروض والمشاريع المنتجة كما هو حاصل حاليّاً. لا ينفع انتظار نقل اللبنانيّين قضاياهم إلى الشارع للتعبير عن نقمتهم كما بدأ يحصل ولا يفيد محاولات ركوب موجات الإعتراض وإدعاء أبوّتها لتبرئة الذمّة فالأوضاع لا تطاق والكلام عن "ابتزاز" مشاريع استخراج الغاز والنفط للحصول على عمولات و"استخلاص" المال من النفايات فاحت رائحته وراجت أخباره. الدول الصديقة على استعداد لتقديم المساعدة للتخلّص الملحّ من النفايات (شحنها خارج لبنان أو استحضار باخرة تعالج على متنها والمساهمة في بناء معامل تحويليّة) وقد ذكر السفير سمير شمّا عن عرض من الحكومة اليابانيّة لبناء معمل تحويليّ نام في أدراج المجلس النيابيّ لسنوات! فقط فاقد الوعي أو الإحساس أو المخدّر ضميره لا يأبه لما يجري في المنطقة وللضغوط التي تنوء بثقلها على اللبنانيّين فإلى متى الإصرار على إبقائهم "أيتاماً" بلا رئيس للجمهوريّة؟ هل من مستشعر للخطر الذي تنبئ عنه التبليغات الإجراميّة والإرهابيّة التي بدأت ترد من إصابة طائرة نائب رئيس مجلس الوزراء السابق ورئيس منظمّة "الأنتربول" الحالي الياس المرّ برصاصة "غامضة" المصدر في طريق عودته من دبي (وهو الذي استُهدف بسيّارة مفخّخة في العام 2005 ونجا بأعجوبة) إضافة إلى اغتيال الشيخ وحيد بلعوس؟ *أكاديمي مواظب على تحرّي الشؤون اللبنانيّة Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights.

١٠.٨.١٥

لبنان نعمة لمستحقّيه ونقمة على ناكريه

المهندس حميد عوّاد* أفتتح كلامي بتأدية تحيّة إجلال ومحبّة لجيش لبنان الباسل وسائر قواه الأمنيّة، فهم سياج مؤسّسات الدولة وحرّاس سلطاتها وحماة الحدود والداخل من العابثين بأمن المواطن والوطن. وهم مثال العنفوان الأبيّ والتضحية الصامتة والوفاء الأمين والشرف الجليل وهم خلاصة صافية للإنتماء والولاء الوطنيّين. الإنتماء الوطنيّ هو أعمق من حمل وثيقة صادرة عن وزارة الداخليّة (أو المواطنة) في بلد ما تفيد أنّ حاملها هو من رعاياها وأتباعها. لذلك سُميّت في لبنان بحقّ تذكرة "الهويّة". فالهويّة هي حصيلة تنشئة مدنيّة سليمة ترفع الوطن إلى المرتبة الفضلى ضمن شراكة وئاميّة تنبع من إيمان عميق بقيم الحريّة والسيادة والعدالة والانفتاح يعزّزها "تفشّي" محبّة الوطن في الوجدان والتعاطي بمرونة مع الأصدقاء وبصلابة مع الأعداء. كما هي التزام بحراثة حقول المعرفة وزرعها ببذور الخير لتثمر غلّات مغذّية تنعش اللبنانيّين وتنهض بلبنان وتسهم في ازدهار بلدان انتشارهم. ميّزات لبنان الطبيعيّة والسياحيّة والعمرانيّة والحضاريّة ورقيّ مؤسّساته الثقافيّة والعلميّة التي أنجبت مواهب فذّة والإصرار على إحياء أنماط العيش الصاخبة الأفراح جذبت أبناءه المقيمين والمغتربين وزادتهم تعلّقاً به وسحرت سفراء مثّلوا بلدانهم في ربوعه وما غادروه إلّا بغصّة وحسرة. تعرّض لبنان لتجاذبات أطماع إقليميّة شرسة أثخنته بالجراح وشرخت نسيج الشراكة باستقطاب مذهبيّ غُلّب على الولاء الوطنيّ ودفع بأنصار هذا الاستقطاب إلى السعي لضمّ لبنان إلى مُلك مرجعيّتهم الدينيّة خارج الوطن. إرتماء هؤلاء في أحضان مرجعيّاتهم والتنفيذ التلقائي لأوامرها جعلهم "رعايا" لها يتنافسون على استيطان لبنان لصالحها غير آبهين بسائر أبنائه الماحضين ولاءهم له فوق كلّ اعتبار. لذا كلّ مقاومة مذهبيّة معروف مصبّها، فالإنجاز المرحليّ لا يطمس الهدف النهائيّ. كما أنّ ضغوط سلاحها لن ينجح في انتزاع تفويض مطلق لقادتها. إستخدام المرجعيّات المذهبيّة لأتباعها لم يقتصر نطاقها على لبنان بل تعدّاه إلى الإنغماس في الصراعات التي طغى عليها طابع التناحر السنّيّ-الشيعيّ. طموح ربط "ولايات" الفقيه ببعضها في العراق وسوريا وأجزاء من لبنان واليمن (وبقاع أخرى) ساهم في تسعير النزاع في هذه الأنحاء واستثار العصب السنّيّ على مختلف المستويات فمهّد السبيل لخروج "خليفة" من "القمقم" جمع حول تطرّفه عراقيّين وسوريّين ومحبّذين أغراب لينقضّ على الساحتين العراقية والسوريّة ويعلن "دولته" على ركام المعالم الحضاريّة ومقابر المجازر الجماعيّة. ومع استشعار الخطر على الحدود السعوديّة-اليمنيّة تشكّل تحالف "عاصفة الحزم" الذي تحوّل إلى "عودة الأمل" لترميم هيكليّة الحكم في اليمن. دهاء النظام الإيرانيّ جعله يكسر طوق العزلة والحصار العالمي لاقتصاده بمساومته على تخفيض "رذاذ" التخصيب النوويّ للحصول على 14 طنّاً سبائك ذهب (من جنوب أفريقيا) وأموال مجمّدة في البنوك العالميّة هو بحاجة ماسّة إليها لإحياء اقتصاده واستكمال "مشاريعه" وترجيح ثقل أدواره. لكنّ إقرار الإتفاق في الكونغرس الأمريكيّ مرشّح للتعثّر في حال اصطدامه باعتراض ثلثي أعضائه. يبدو أنّ إبرام الإتفاق هو شرط لتداول حلول للمشاكل الإقليميّة ومنها الجمود الذي يكبّل السلطات في لبنان ويمنع انتخاب رئيس للجمهوريّة. لقد شاع في الإعلام أنّ السعوديّة عرضت على إيران بوساطة روسيّة الإنسحاب من سوريا مقابل وقف الدعم للمعارضة السورية لإفساح المجال لتفاوض سوريّ-سوريّ يفضي إلى حلّ سياسيّ يحقن الدماء ويوقف الخراب ويعكس وجهة النزوح. أمّا في لبنان فحريّ بالسياسيّين إنقاذ ماء الوجه وتجيير طاقاتهم لخدمة وطنهم بتجرّد وإخلاص وتأمين حاجات المواطنين بالإفراج عن المشاريع العالقة لانتشالهم من الضّيق الخانق. كما يتوجّب عليهم تحريك عجلات سلطات الدولة وتنشيطها وشدّ الهمّة للمبادرة إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة متوقّد الذهن نزيه الخصال مهيب المناقب يمسك بنواصي القيادة ويمتلك الحكمة والحنكة في التدبير والإحاطة بالمعرفة والقدرة على الإستقراء والاستشعار، قوّته تطفح من أعماق شخصيّته الجادة والرصينة لتفرض الإحترام والإنصات والطاعة. أكاديمي مواظب على تحرّي الشؤون اللبنانيّة* Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights.

٢٧.٦.١٥

درع يقظة حامٍ من صواعق الإرهاب ونهم الهيمنة

*حميد عوّاد ما أن يتلاشى "برق ورعد" عمل إرهابيّ مروّع حتّى يتبعه "قصف" آخر يطلقه أو يدّعي أبوّته تنظيم متطرّف أو يقوم به فرد هامشيّ (غالباً سجلّه العدلي نظيف من السوابق) مصعوق بشحنات ما يسمعه ويشاهده و"يتعلّمه" فيتوق إلى ومضة اشتعال وإشعاع تحمل ذرّاته إلى جنّة إفتراضيّة أو تسلّط عليه الأضواء على مسرح الأحداث العالميّة. أجهد "وهج" الجرائم الإرهابيّة الأنظار وأرهق النفوس باستمرار نفثه من قمقم التطرّف. منفّذو مجازر تشارلستون (كارولينا الجنوبيّة) وإيزير (غرونوبل) ومنتجع سوسه التونسيّ ومسجد الإمام الصادق في حيّ الصوابر (الكويت) "قذفهم" لهب حمم تطرّف متبانية المركّبات سبقها هيجانات وانفجارات وسيول مشابهة. كُنْه الحقد المحفّز على ارتكاب هذه الفظائع هو تقمّص نزاعات الهيمنة عقائد متصلّبة يؤمن صاحبها إطلاقاً بعصمتها وصوابيّتها وأحقّيتها فيما يخسّئ ويكفّر ويحتقر كل خارج عنها ليبرّر "إبادته". هذا التلاطم والتصنيف النظريّين بين "مخلوقات كاملة" وأخرى ممسوخة يحدثان شروخاً في كلّ مجتمع وطنيّ متنوّع وينفجران صراعاً أو عدواناً شرساً على الأرض نراه يتأجج في سوريا والعراق واليمن وينتشر رذاذ أمواجه في شمالي افريقيا وبلدان الشرق الأدنى و يتجاوزها ليطال دول الجبابرة. في غمرة تصاعد قوّة وتفشّي إعلام وتوسّع رقعة التنظيمات المتطرّفة، تتلطّى أنظمة إقليميّة شموليّة متطرّفة أوقدت سعير مشاعر التطرّف المناوئة باستفزازاتها واختراقها لمجتمعات غيرها وغبنها لحقوق الشراكة المنصفة فيها لتسبغ على أدوارها في الحروب التي افتعلتها "شرعيّة" تستجدي تأييد دول العالم، التي تحاول بدورها لكن من موقع مناوئ تحجيم بؤر الإرهاب وفصلها عن ثوّار القضايا المحقّة لإطلاق تسويات سياسيّة عادلة. للأسف الشديد خلّفت هذه الصراعات والاضطهادات فرز كيانات متناحرة ومآسِ بشريّة هائلة نتج عنها نكبات وانتهاك كرامات بلغت إذلال واستعباد واستئصال نفوس بريئة اضطرّت للنزوح خارج مواطنها والتشرّد معدومة من مصادر العيش لتقبع مكرهة في مخيّمات لاجئين تنتظر إحسان المنظمّات الخيريّة وأريحيّة عطاءات بعض الدول. لبنان الضيّق بمساحة والرحب بضيافته والمكتظ بسكّانه يتحمّل عبئاً كبيراً يرهق إقتصاده المستنزف ويخلخل وضعه الإجتماعيّ والأمنيّ جرّاء اللجوء السوري الكثيف إليه. وهو بأمسّ الحاجة إلى يقظة وطنيّة تنتشل مؤسّساته وسلطاته من التخدير المتعمّد وينتظر انتفاضة عارمة لأصحاب الضمائر الحرّة التي تأبى الخضوع لضغوط قوىً إقليميّة تحاول زجّه في أتّون الصراع المتأجّج حوله وتسترهنه لأذرعتها داخل الوطن والتي انتدبتها لتخوض حربها خارجه. لبنان صيغة حداثة حضاريّة وئاميّة متميّزة في محيطها الجغرافيّ، تحرص على استمرار دورها الدول الصديقة وتدعم استقرارها عبر تذخير وتصليب عامودها الفقريّ الجيش وسائر قواها الأمنيّة والمساعدة في تزخيم دورة الحياة السياسيّة وإنعاش حركة الإقتصاد وإزالة العقبات التي تلجم السلطات وتؤخّر إنجاز استحقاقات دستوريّة مهمّة وفي طليعتها انتخاب رئيس للجمهوريّة فذّ وقائد لا ينقاد إلّا لضميره وحكمته ومحبّته لوطنه فيستهدي بتوقّد فكره النيّر مصلحة الوطن. هناك بَون شاسع وتناقض حادّ بين الذين يفرضون على الوطن مراسم الموت كنمط حياة وبين الذين يحيون الأفراح إحتفالات شكر لله على نعمة فريدة منحهم إيّاها أسماها لبنان. أكاديمي مواظب على تحرّي الشؤون اللبنانيّة* Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights. http://hamidaouad.blogspot.com/

٦.٦.١٥

دقّ عنق" الرئاسة على إيقاع دقّات ناقوس الخطر"

المهندس حميد عوّاد* يهتزّ الشرق الأوسط على إيقاع سلسلة زلازل صدامات تسبّبت بظهور "موجات" نزعات همجيّة تلاطمت مع "مدّ وجزر" انتفاضات قضايا محقّة تضرّجت معها "المياه" بالأحمر القاني ورُسمت خرائط كيانات جديدة على ركام خرائب "التسونامي" مسبّبةًَ مآسي نزوح أسطوريّة. تشابك الإستقطاب والفرز المذهبيّان مع الجموح السياسيّ والشبق السلطويّ فاستُرخصت ارواح الناس واستهلكت "أضاحٍ" لإشباع نهم المتألّهين النازعين إلى الطغيان. كلّ أصناف التنكيل أصبحت مباحة، أكانت تفجيراً أم قصفاً أم تصفية جماعيّة، دون أن يخشى مرتكبوها عقاباً على جناياتهم. كأنّه انخراط في مراتون جنون يتسابق فيه المشتركون على تشقيع الجماجم متاريس ترهب أخصامهم "اللدودين" وترسم حدوداً لكيانات طموحاتهم. إنّ "طفرة انهماك" الجزّارين في التفنّن بالتمثيل باجساد ضحاياهم خلال ممارسة مراسم شعوذة في "مسالخ" الهواء الطلق وجاذبيّة تغطيته الإعلاميّة يستجلبان طالبي "الرضوان أو الملاذ الروحيّ أو العمل أو الشهرة أو الإرتزاق" من دول متعدّدة ويحفّز آخرين على ممارسة هذه "الطقوس" أو "الفروض" حيث يقيمون والشواهد مخزّنة في وسائل الإعلام. لفت نظري البارحة خبر عن جماعة هنديّة متطرّفة قطعت عنق أحد أبنائها و"زرعت" رأسه في حقل أرزّ إستدراراً لرضى آلهتهم كي تسخى عليهم بهطول المطر بعدما طالت فترة حرّ حارق وجفاف هيمنا على الهند عدّة أيّام. هذه الواقعة على قساوتها ذكّرتني "بقطع رأس الجمهوريّة" في لبنان و"دفنه في حقل" المستفيدين من غيابه بانتظار استيلادهم أو استنساخهم شخصاً مكبّلاً بشروط الخضوع لسيطرتهم. أمّا اللبنانيّون الأقحاح فيتوقون إلى إنجاز انتخاب رئيس حرّ الإرادة والضمير، مهيب المناقب، حكيم وثاقب النظر، مدركاً بعمق لبنية وغاية الصيغة اللبنانيّة الذهبيّة الأصيلة لا المستعارة، رأيه يفرض الإصغاء والاعتبار على المؤمنين بمواثيق رسالة لبنان الحضاريّة النامية في محيط لم يعد يطيق هذه الفرادة. إنّ استمرار الفراغ في سدّة الرئاسة هو إضعاف لمناعة لبنان وجاذب لحملة السلاح الفئويّ كي يستقووا على جيشه وأجهزته الأمنيّة وكي يعطّلوا المسار الطبيعي والسلس لمؤسساته ويلجموا سلطاته. كما هو فقدان للمشرف على تطبيق نصوص الدستوروانتظام العمل وإصدار المراسيم ضمن أطره مثلما هو غياب للمرجعيّة التي تحاورها الدول للأخذ برأيها وعقد المعاهدات معها واعتماد السفراء والتعاطي معها كرمز لوحدة الوطن وضامن لاستقلاله ووحدة أراضيه. الرئيس هو قدوة ومرشد لمسؤولي السلطات وللمواطنين على السواء لا تستقيم الأمور وتتحلحل الأزمات إلّا في حضوره الفاعل. لذلك من يعيق حضوره يستهدف تغييب العمود الفقريّ للدولة ويستمرئ العبث بمؤسّساتها وبحياة مواطنيها. فهل يجوز السماح لهؤلاء المتضرّرين من رفع كابوس السلاح وانتشال لبنان من دوّامة الصراعات العبثيّة التي يخوضونها بالتمادي في إفساد وتنغيص حياة اللبنانيّن؟ *أكاديمي مواظب على تحرّي الشؤون اللبنانيّة Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights.

١٨.٥.١٥

فحيح كراهية وسط صليل سيوف

*المهندس حميد عوّاد تتواتر أصوات مشحونة بالكراهية والخبث والفظاظة والتحريض لا ضوابط لها تثير الإشمئزاز والسخط والإدانة لدى العقول الراجحة من سامعيها لكنّها تهيّج المسلسين "لإرشاداتها" وتدفعهم إلى التورّط في إرتكاب أعمال عنف وتخريب تطال مسالمين "ذنبهم" أحوالهم الشخصيّة والروحيّة والفكريّة إضافة إلى معتقداتهم اللاهفة للتواصل والنابذة للإضطهاد والتضليل. وبما أنّ أصحاب هذه الأصوات الناشزة يسبغون على أنفسهم وظائف "توجيهيّة موجبة" ولايتورّعون عن التحريض على قتل أنفس بريئة فالواجب الأخلاقي والإنساني والقانوني يفرض على كلّ من يملك سلطة تتفوّق على سلطانهم أن يبادروا إلى إزاحتهم وتقويم المفهوم والمنهج والخطاب لمن يحلّ في مواقعهم. كذلك يجب إمداد النفوس الأبيّة المستهدفة بهذه الحملات العدائيّة والإفتراءات الظالمة بكلّ وسائل الدعم والحماية كي تتغلّب إراداتهم الخيّرة على الشرور المشرئبّة عليهم وتعينهم على الثبات في مواطنهم لإضفاء الصفاء والوئام والودّ على علاقات الناس في مجتمعاتهم. إنّ خطوات التدخّل المبتورة في المنطقة والقاصرة عن التنبّوء والتنبّه لما ينتج عن الفراغات التي انتجتها نسفت الأهداف المرجوّة وجعلت الفئات المستنكفة عن خوض الصراعات ضحيّة للوحوش الكاسرة التي تهافتت لملء الفراغات وسفك الدماء وتدمير العمران. كما سمحت للقوى والدول المتربّصة بالإنقضاض "بأحصنتها" على فرص الفرز والضمّ تحت ذرائع حماية ونصرة "المستضعفين" من أبناء ملّتها وحلفائها فيما كانت تهيّئ بجلَد وتأنٍِّ لهذا "القطاف" في السرّ والعلن. يتساءل المرء: كم تجربة مرّة غير محكمة الدراسة تحتاج الدول الفاعلة لتعتبر وتحسّن أداءها في مواجهة إرهاب التيّارات المتطرّفة والدول المارقة؟ طبعاً يحتاج هذا الأمر إلى خطط معقّدة لإعادة تكوين السلطات وبناء هيكليّة أمنيّة ومؤسّساتيّة وإداريّة صلبة تأخذ في الحسبان طبيعة المجتمعات التي تحاول استمالتها ومساعدتها وحسن انتقاء قيادة واعية وموثوقة توكل إليها مقاليد إدارة مرحلة إنتقاليّة لترميم المؤسّسات ونفض الأدران وتعقيم الفساد وتنشيط العمل السياسي وإنعاش المصادر الإنتاجيّة وتحفيز الحركة الإقتصادية وتشغيل المولّدات الثقافيّة. إنّ الأوضاع الميدانيّة في سوريا والعراق واليمن وليبيا توحي وكأنّها على حافّة الإنزلاق خارج حيّز السيطرة لكنّ المنخرطين في النزاعات يحتاجون إلى تدريب وإمدادات وتمويل وتسليح وذخائر. ومتى حجبت عنهم مصادر التمويل وأحجم رعاتهم عن دعمهم تنشلّ قدراتهم القتاليّة ويهدأ وطيس المعارك وتفتح السبل أمام خلع الجزّارين وتسهيل الحلول السياسيّة. الصعوبة الكأداء تكمن في التورّط الميداني المباشر تحت شعار توسيع ملك ونفوذ "إمبراطوريّة" مزعومة تستمدّ سلطانها من "قوى غيبيّة" ونهم في التسلّح وشبق للهيمنة ومن احتكار "كار" المقاومة والهداية الروحيّة والقتاليّة والثوريّة واتّخاذ مواقف الغلوّ والإستفزاز التي يثابر ويتناوب عليها طاقم قيادتها. وهذا ما يدفع الدول الإقليميّة التي يطالها بشكل مباشر خطر التدخّل "الإمبراطوريّ" إلى اتّخاذ تدابير وقائيّة تلامس الصدام المباشر مع النزعة التوسّعية. بين هذين المدّ والجزر تتأرجح استحقاقات لبنان الدستوريّة كسفينة تائهة بلا قبطان ويدوخ اللبنانيّن في دوّار الترّهات السياسيّة والمعاناة المعيشيّة دون أن يلوح في الأفق برّ الأمان. أكاديمي مواظب على تحرّي الشؤون اللبنانيّة* Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights. http://hamidaouad.blogspot.com/

١٠.٥.١٥

إنبعاث طيف الديجور في عصر النور

المهندس حميد عوّاد* يزداد قلق دول القارات الأوروبيّة والأمريكيّة والأوقيانيّة من خطر "اختراقات" المعتقدات المتطرّفة التي يحملها أو يتعاطف معها الذين لجأوا إليها من الخارج هرباً من الفقر والجوع في بلادهم الأصليّة. لم يكتفِ هؤلاء برفض الإندماج في المجتمع الجديد، بل راحوا يتوسّلون تنامي أعدادهم السريع المدفوع للتفوّق على السكّان الأصليين ليضغطوا باتجاه فرض عاداتهم البالية عليه والسعي لتغيير الأنظمة المدنيّة العلمانيّة الديمقراطيّة الراسخة فيه. وكأنّ الرأفة والاحتضان للنفوس البشريّة المعانية انقلبا على المحسنين جحوداً وعقوقاً وعداءً. العديد من هؤلاء لا يتورّع عن الإفصاح عن "طموحه" لقلب الأنظمة القائمة لإستبدالها بأنظمة بائدة عالقة في ذهنه مستفيداً من حريّة التعبير وممارسة المعتقد الممنوحة لطعن مانحها في الصدر. بعد غفلة طويلة أدرك العالم المتحضّر خطورة ضمور ديمغرافيّة سكّانه الأصليين تجاه تنامي أعداد اللاجئين إليه بهدف إغراقه في طوفهم. وكأن القيم الديمقراطيّة والتعاطف الإنسانيّ غدت ثغرات ضعفٍ نفذت من خلالها قرون مقتلها. لا شكّ أنّ مواكب حاشدة من المهاجرين وفدوا إلى الدول المتطوّرة حاملين معهم علمهم ومهاراتهم ونواياهم الطّيّبة للإسهام في إغناء طاقاتها البشريّة ونمو انتاجها وازدهارها ورخائها. هؤلاء شكّلوا قيم إضافيّة للمجتمعات الجديدة التي حلّوا وتألّقوا فيها. من أخطاء العالم المتحضّر، السقوط في وحول سياسة الكيل بمكيالين وغضّ الطرف عن مساوئ وشذوذ وأخطار أنظمة مارقة كرمى لمصالح اقتصاديّة وسياسيّة والاضطرار للتنكّر للمبادئ التي ارتكزت عليها أنظمتهم وفي طليعتها حماية كرامة وحقوق الإنسان وصيانة ميزان العدالة وتوفير فرص النمو والرقيّ لسائر المواطنين. لبنان الناشر شباكه البشريّة البارّة عبر العالم هو حليف أمين ومرموق ومشرق للغرب في هذا الشرق الداجي. وهو يتعرّض لتجاذبات شرسة من طرفين متعصبّين يحاولان جاهدين للهيمنة على كيانه المتميّز والفريد والمنفتح الآفاق ومحاولة تفكيكه وهو لذلك بحاجة إلى حماية أمميّة متماسكة وحازمة تكفّ كيد أصحاب النوايا الشرّيرة. كفى لبنان واللبنانيّين طحناً بين أحجار الرحى التي تحرّكها صراعات الدول الإقليميّة وحلفائها. ليس من مصلحة الدول الصديقة أن يبقى لبنان المضياف والمنتجع والملاذ ونافث الإنعاش وخليّة النشاط وواحة الحريّة محاصراً ببؤر الإضطرابات التي تهدّد صيغته ومواثيقه ونظامه ومزاياه الحسنة، لتجعله رهينة لطوابير الدول الجامحة لابتلاعه. لبنان هو حصن متقدّم للديمقراطيّة ومختبر للتفاعل البشري لا غنى عن وجوده. النجاح في كبح وحصر وردع المتلهّفين لتحنيطه هو نجاح لإبعاد كارثة تهدّد باجتياح مجتمعات الغرب والمعمورة. خطوة أولى طالت إعاقتها هي انتخاب رئيس فذّ للجمهوريّة يجب المساعدة في الإفراج عنها لفتح منافذ انطلاق عمل السلطات والاستحقاقات الدستوريّة. .المطلوب دوزنة علاقات الغرب مع سائر الدول مع ما يتلاءم مع قيمها كيلا تسيئ إلى مصداقيّتها *أكاديمي مواظب على تحرّي الشؤون اللبنانيّة

٨.٤.١٥

لنفصل ملك قيصر عن ملكوت الله

المهندس حميد عوّاد* اللبنانيّ "سائح" تائه ومرعوب في وطنه: فإيران اقتطعت منه "ولاية" لإلحاقها ب"جاه" و"طقوس" و"معسكرات" إمبراطوريّتها ، و"أصول الضيافة" فرضت فرز "مخيّمات" لإيواء اللاجئين القدامى والجدد، وطموحات "الخلافة" تجمح لتوسيع رقعة انتشارها يمّه، واللبنانيّون تضيق بهم المساحة وسبل العيش لدرجة النزوح والتقوقع والإختناق. ينتاب الكثير من اللبنانيّين شعور أنّهم بحاجة إلى "تأشيرة" دخول وخروج ومواكبة أمنيّة إضافة إلى بوليصة تأمين على الحياة كلّما "عبروا الحدود" الداخليّة ومنها المطار. هاجس الأمان وتحصيل كلفة العيش المتصاعدة وشحّ المصادر والمداخيل يقضّ مضاجعهم ويجعلهم يتوقون إلى الهرع للإحتماء تحت قبّة الدولة المؤسّسة على مناكب الأجيال، منكبّين على تعزيز دعائمها وصدّ زحف الطامعين بتفكيكها وتصفيتها. هؤلاء المؤمنون بلبنان الديمقراطي السيّد الحرّ المستقلّ والمحيّد عن حمم الصراعات المتلاطمة حوله يجدون ولاءهم الوطنيّ على طرف نقيض لمن بايعوا ولاءهم لمرجعيّات خارج الحدود وخارج المفاهيم المنطقيّة المعاصرة للحكم. الطامة الكبرى أنّ الذين لايطيقون صيغة لبنان التعدديّة الوئاميّة يدّعون أنّهم يبغون "الوحدة الوطنيّة" لكن في بوتقة "صَهر" المختلف عنهم في مرجل معتقدهم الضيّق. تحت شعار "لمّ الشمل" المذهبي استعر الصراع السنّي-الشيعي وقوبلت شهيّة النظام الإيراني لتوسيع نفوذه في لبنان وسوريا والعراق واليمن بتكتّل عربي خاب من فشل الحوار وتبلور في "عاصفة الحزم" إضافة إلى تشكيل كيان متطرّف شوّه ثورة الشعب السوري ومارس الترويع والفظائع. إضافة إلى توظيف منزلته الدينيّة وتطوير تصنيعه العسكريّ و"تصدير" القدرات القتاليّة لحرسه الثوريّ، اقتدى النظام الإيراني بعمليّات ابتزاز كوريا الشماليّة للدول الغربيّة فاستخدم التخصيب النوويّ "عصى مشعّة" يهوّل بها لإرعاب جيرانه وانتزاع اعتراف بأنّه اللاعب الإقليمي المستوجب إشباع نهمه. الدول الإقليميّة منجرّة إلى نزاع مذهبيّ طاحن وخطير ومعقّد، يعتريه إشكال والتباس في التمييز بين الحليف والخصم، بينما تزداد كلفته البشريّة والماديّة والتفكيكيّة يصعب معها ضمان أن يوقفه أيّ اتفاق جانبيّ موعود. إنّ تعنّت فرسان إيران في لبنان والتزامهم بقرار الإنغماس في هذا الصراع يحتّم على اللبنانيّين الناذرين ولاءهم لوطنهم دون غيره أن يتضافروا ويشكّلوا سياجاً حامياً لوطنهم. إذا كان يدّعي هؤلاء أنّهم يأتمرون "بما قضى به الله من سلطان" فصفوة اللبنانيّين يقولون أبعدوا سلاحكم عنّا ولا تحاولوا تطويقنا ودعونا نلتزم بما قضى به دستورنا السياسي المدني من أحكام وفي طليعتها انتخاب رئيس للجمهوريّة. القاعدة الذهبيّة تنصّ على إعطاء ما لقيصر لقيصر وما لله لله. *أكاديمي مواظب على تحرّي الشؤون اللبنانيّة Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights. http://hamidaouad.blogspot.com/

٢٠.٣.١٥

!خطر داهم على الوجود فإيّاكم الغفلة والجمود

المهندس حميد عوّاد* انهالت، بكثافة هائلة، مأساة النزوح السوري نحو لبنان الغاصّ بأهله و"ضيوفه" والملتاع بلسعات همجيّة وساديّة ألهبت وجدان اللبنانيين لتنغّص هناء عيشهم وتقتلعهم من جذورهم تحت وطأة العذاب والقهر والمرارة والتشنّج والنقمة والإحباط واليأس. اللبنانيّون الأصفياء الولاء يستشعرون خطراً وجوديّاً جاثماً من محاولات شفط لبنان إلى لجّة الصراع المحتدم في سوريا والعراق وإلى أشداق "الأباطرة" الخائضين غماره، كما يتوجّسون شرّاً من اسنانهم المنغرزة داخل الوطن لِدكّ أسسه وقطع أوصاله وهدم عمرانه ومحو ازدهاره وتحوير تاريخه ونسف صيغة نظامه الديمقراطي وتفكيك مؤسّساته وفصله عن فروعه العابرة للقارّات. يتابع اللبنانيّون الأصلاء بفخر إنجازات جدودهم وتواصلهم مع الحضارات والثقافات العالميّة لتثبيت دور وطنهم التاريخي كمعجن للحضارات التي أغنت وخمّرت معارفهم وافترشت أرضه قلاعاً وآثاراً قيّمة. لذا فهم يرفضون بعناد وصلابة تحويل هذه الجنّة إلى مضارب قبليّة تشوّه بهاء هويّة لبنان، ويصدّون بشراسة تفاقمها وتناميها على حساب عافية الدولة. من الضروري حشد كلّ طاقات اللبنانيّين الأبرار لصبّها سدّاً منيعاً في وجه الطوف الرجعيّ العنيف والمتعجرف. حمم بركان التطرّف المذهبيّ تتلاطم تحت رايات أحقّية الميراث الدينيّ واحتكار الفقه وإشهار تُهم التكفير، ظنّاً أنّ ضلال جناح يبرّئ ضلال جناح آخر. أهل الرزانة والحكمة والجرأة والإقدام يتصدّون لهذا الشذوذ الخطير الذي تتطلّب معالجته ليس فقط ضرب بؤره، بل استقصاء جذوره لاستئصالها وتجفيف المصادر التي تغذّيها. لا نريد للبنان أن يتلظّى بأجيج الحمم المستعرة خلفه، وهذا يتطلّب رصف جهود المؤمنين حقّاً بكيانه المميّز وكفّ أيادي الساعين لربطه بكيانات مناقضة لطبيعته تستقطب انتماءهم. "الظروف العصيبة لا تحتمل التشتّت والضّعف والتخاذل والانسياق الهائم، فقد مجّ اللبنانيّون عروض مسرح "الدمى السياسيّة تحرّك شفاها على إيقاع "نافخ" الكلمات الرابض وراءها . (ventriloquist/ventriloque) إذا كان البعض يلهث وراء كسب حظوة ونفوذ ومال من "نافخ الكلمات" فاللبنانيّون الأصلاء لا يرتضون طرح مصير الوطن للمقايضة أو البيع لجعلهم رهن التشرّد. المدخل للخلاص هو تقاطر الإنتليجنسيا المسيحيّة على بكركي تلبية لدعوة من البطريرك مار بشارة بطرس الراعي حيث ينكبّ قادة الرأي وأصحاب الإختصاص على جوجلة لائحة المرشّحين الحائزين على الكفاءات والمزايا والمناقب التي تؤهلّهم للإضطلاع بمهام رئاسة الجمهوريّة وقيادة سفينة الحكم خارج الأنواء لتتم بعدها عمليّة انتخاب من يحظى بين هؤلاء بغالبيّة الأصوات في المجلس النيابيّ. حقّ للبنانيّين، المقيمين والمغتربين، عيش مستقرّ وهانئ في ربوع وطنهم الديمقراطي النظام، السيّد الحرّ المستقلّ، المحروس بجيشه وقواه الأمنيّة النظاميّة الحامية لأرضهم وسلطاتهم وحريّاتهم وحقوقهم وكراماتهم، والضامنة لأمانهم وسلامتهم. لبنان متحف آثار تاريخي وقيمة إنسانيّة حضاريّة راقية تتشابك متلائمة مع القيم والمبادئ والتراث العالمية السامية، فحريّ بمنظّمة الأمم المتّحدة محضه حصانة دوليّة. *أكاديمي مواظب على تحرّي الشؤون اللبنانيّة* Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights. http://hamidaouad.blogspot.com/ --

٢.٣.١٥

لنطرد كابوس الفوضى والإرهاب خارج محراب الوطن

المهندس حميد عوّاد* تتنوّع أسباب الخلافات والنزاعات في تحديد واحترام معايير القيم والحقوق والواجبات كما تتشعّب جذور الخلل في التفكير والفهم والسلوك، وتتفاقم نتائجها، فتورّط المصاب بهذه الإنحرافات في ارتكاب أعمال مؤذية لنفسه ولمن تمسّه نتائجها. من المحبط جدّاً الفشل في إقناع الضّال بفضيلة الرجوع عن الخطأ وهدايته إلى جادّة الصواب. من يعصى عليه تقبّل المنطق والحوار الراقي واحترام الكرامة البشريّة يعميه الجهل ويلفحه الجنون ويعتصره العنف. هناك من "تقمّص" شخصيّة "دراكولا" وسكر من شرب دماء ضحاياه وهناك من ابتزّ الطاعة مدّعياً أنّه سبط منبثق من لدن الألوهة فاستعبد الناس وروّع من لا يخلع عليه هذا الرداء وهناك "قياصرة" سفكوا دماء من ينازعهم السلطة. لقد ظنّ هؤلاء أنّ إشعال جهنّم على الارض وهدم المعالم الحضاريّة هو ضمانة الوصول إلى الجنّة والخلد. العنف آفة العصر سوّقت "لعظمته" "هوليوود" سنين طويلة للكسب الرخيص وغذّت انحرافات أنفس ضعيفة ودفعتها إلى إنشاء "هَول وود" خاصّة بها لتختطف الأنظار وتروّع مشاهديها. بالأمس نال العنف الهجين من نضارة وسلام الواحة اللبنانيّة وهو يدقّ أبوابنا اليوم من جديد ليدكّ أسس نظامنا ومواثيقنا ومؤسّساتنا، لكن مثلما انتفضت إرادة الخيّرين الأصلاء وأنعشت دورة الحياة في عروق الوطن تشرئبّ هممهم اليوم لتحمي صيغة لبنان المنذور موئلاً للحريّة المسئولة والكرامة العزيزة والتنوّع المتآلف والانفتاح المثري. تمسّك أبناء لبنان المؤمنين بطابعه المميّز والمسالم والمحيّد عن الأنواء هو ضمانة لانتزاعه من براثن المتهافتين لمحو كيانه وتذويبه في كيانات مناقضة لطبيعة رسالته. دعم أجهزة الدولة ومؤسّساتها وسلطاتها ودستورها وقوانينها وحماية الأرض والمُلكيّة واستثمار المصادر الطبيعيّة والطاقات البشريّة وتأمين البنى التحتيّة والخدمات هي متطلّبات ضروريّة لتسيير الحياة الوطنيّة. الإنخراط بمشروع نهوض الدولة يناقض بحدّة حبس مجاري السلطة وتعطيل الإستحقاقات الوطنيّة وقيام "دويلات" فئويّة مدجّجة بالسلاح و"مطّرزة" بشعارات "طموحة" تتأزّر بها لتنهش أحشاءها وتقرض صلاحيّاتها وهيبتها ولتتحكّم بالقرارات المصيريّة وبمرافق ومؤسّسات هامّة فيها. يبدو أنّ الذين اختطفوا استحقاق انتخاب رئيس للجمهوريّة رهينة لتجاذبات إقليميّة غير مستعجلين لرفع بدعة "حقّ النقض" و"يرمون الكرة في ملعب" الزعامات المسيحيّة التي تغفل "سهواً" آراء نخب من أهل الفكر والعلم وقادة الراي الذين تساعد مشورتهم في تزكية الشخصيّات الجديرة بهذا المنصب. دعم ركائز الدولة وصدّ جحافل التطرّف لا يحتمل التقيّة والتواطؤ بل يحتّم تعزيز القوى الأمنيّة والجيش بشرياً وعتاداً وعدّةً لمساعدتها في القيام بواجبها في ردّ كلّ عدوان وحماية الأرض والإنسان. بتجهيزات محدودة وعنفوان لا يُحدّ تحمّلت هذه القوى مهامّ منهكة وما زالت تبذل التضحيات في سبيل الحفاظ على كيان الوطن. فإلى أفرادها ورتبائها وقادتها نوجّه تحيّة إكبار وإجلال وإلى شهدائها شهادة عرفان وإعجاب بعظمة تضحياتهم. باحث وأكاديمي مواظب غلى تحرّي الشؤون اللبنانيّة* Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights. http://hamidaouad.blogspot.com/

٢.٢.١٥

تلاطم دامٍ بين نور الفكر وظلام الجهل

المهندس حميد عوّاد* تطلق صرخة كلّ مولود يطلّ على العالم نبضات “عدّاد ساعته” التي تؤشّر عند إكتمال دورتها السنويّة إلى فجر عام جديد ينمّيه ويفتّح بصيرته على معارف وتجارب جديدة تكسبه كفاءة و خبرة ومهارة تعينه على مَخْر عُباب يَمِّ الأحداث وخوض مغامرات معاركتها. سرّ نجاح المجتمع يكمن في تأمين بيئة تنشئة راقية ونقيّة من الشوائب ترسّخ القيم السامية والشراكة الإنسانيّة، واجباً وحقوقاً ومسؤوليّة ونشاطاً وإلفةً، وتوفّر الفرص المتكافئة والعدالة الحكيمة وتؤمّن إعداداً غنيّاً بالمعرفة ينميّ الضمير ويرهف الوجدان ويشحذ المنطق ويصقل الذكاء ، ويبلور ويثبت الحقّ ويفضح ويدحض الباطل. أمّا سرّ الإنحطاط فيكمن في “حياكة” انحرافات رجعيّة خطيرة تلتفّ على بيئات وبؤر منغلقة تمتدّ من شرق آسيا إلى غربها وصولاً إلى أفريقيا. لقد شكّل تشعّبها وتنظيمها وإرهاب معتنقيها تحدّياً شرساً حيّر العالم في اختيار الأساليب الأنجع لقمعها. إنّ التصدّي الجادّ لهذا الوباء المتفاقم، الذي يلهب الغرائز ويخدّر العقل ويحلّل الإجرام، يُحتّم معالجة جذريّة تجتثّ مصادر العلّة ألا وهي “مدارس” متخلّفة تحظّر العلم وتُلقّن الكراهية والحقد والعداء مع “الغير” وتدّعي احتياز واحتكار حصرية “امتياز” أسبغته “توصيات ونعم علويّة” لا “صلاحيّة” للبشر في نقضها. هكذا يهبّ “خرّيجو” هذه المدارس المضلّلون للقيام ب”واجبهم المقدّس” في “معاقبة” من يتجرّأ على مخالفة معتقداتهم، ويصبح سفك الدماء طقساً إحتفاليّاً وممارسة عبادة ودليل تقوى و”نشاطاً” يستحقّ الثواب. في هذا السياق تُرتكب المجازر الإرهابية وتُسفك دماء الأبرياء والمتنوّرين في باكستان وأفغانستان والعراق وسوريا وتُستنسخ في دول أفريقيّة كما يصيب رذاذها وتموّجاتها بلداناً مضيافة راسخة ومتينة الأنظمة. في ظلّ الجهل والفوضى والتصلّب الذهني و التعصّب، يستعر التناحر المذهبي لينخرط في حلقة الثأر الجهنّميّة ويوسّع إطارها ليزهق أرواحاً “كافرة” لا يطيق ممارستها الحميمة والحميدة والمسالمة لطقوس معتقداتها. يُصدم الناظر إلى بيئات التخلّف حيث يجري “تجويف” وجدان الإنسان من القيم و”تحنيط” العقل البشري فيُحرم من نعمة التطوّر ويغدو عبداً هائجاً مسيّراً إلى المهاوي. فيما ينبهر لرؤيته الإنسان المعاصر طافحاً بالنشاط وغزيراً بالإنتاج ومكلّلاً بالإنجازات المدهشة في المجتمعات الراقية التي توفّر له “حراثة حقول المعرفة” وتنمية الطاقات والمهارات والخبرات. مثلما “تُطعّم” أغصان الشجرة البرّية باغصان طيّبة ومنوّعة الثمار يجب “تلقيح” العقول ببذور الخير لتينع وتفيض عطاءً وبِرّاً على مجتمعها. لبنان لمع بغناه الحضاري و جماله الطبيعي وحزمة أضواء قوس قزح المنبعثة من نسيجه البشري الذي يتحوّل شلاّلاً من العطاء كلّما تعانقت ألوانه مؤتلفة فيما يخبو زهوه وينضب عطاؤه وتتشتّت أضواؤه كلّما عصفت النزاعات المنصبّة عليه. ليس أمرّ من تجريع العلقم عنوة لمن تعوّد على حلاوة الحياة وليس أخبث من تحطيم كبرياء النفس وتنغيص هناء وعزّ العيش بغصّات القهر وعضّات ألم الجوع و العوز. قد يتمكن بعض اللبنانيين داخل الوطن أو خارجه من التفلّت موّقتاً من متاعب الحياة و معاناة الأهل في لبنان ليحتفلوا بإستقبال سنة جديدة فرحين متفائلين، لكنّ الكثيرين منهم غير قادرين على طرد هواجسهم وتخدير آلامهم وسدّ رمقهم ليستلقطوا أنفاسهم ويستعيدوا وعيهم. لا يجوز السكوت على عذابات اللبنانيين وطمس تضحياتهم بعدما تناوب على خطفهم رهائن أفواج من الخاطفين المتنوّعي “المنشأ” أرهبوهم ونكّلوا بهم وحاولوا إذلالهم وإجهاض أنتفاضاتهم و نهضاتهم ضاغطين عليهم لتهجيرهم من “مراقدهم” كما تفنّنوا في إبتزازهم لدفعهم إلى نكران ولائهم الوطني وتجريدهم من عنفوانهم وهويتهم وأملاكهم. فلقد طال استنزاف انصار التفريغ -تفريغ الوطن من أصالة خصائصه الميثاقيّة والبنيويّة ومن أهله الأوفياء لصيغته النموذجيّة واستلاب سيادته وصلاحيّات سلطاته وتعطيل دستوره- والشذوذ-شذوذ الولاء وانفصام الهويّة وشرخ المجتمع- والقضم-قضم الأرض ومؤسّسات الدولة- والدمج-دمجه “بجمهوريّة ثيوقراطيّة” كولاية تابعة لها- والتحدّي-تحدّي من يجرؤ على مخالفتهم الرأي وتهديده بالسلاح وبالويل والثبور وعظائم الأمور- غير آبهين بالضرر والأذى اللاحقين بفعاليّة الدولة ومصلحة المواطنين متشفّين بخنق أنفاسهم وكبح أنين جوعهم وألمهم وتجميد أعمالهم ووقف عجلة إنتاجهم. لكسر طوق الحصار المزمن والخروج من دوّامة الدوران المنهك في حلقة مدوّخة، لا بد للبنانيين الشرفاء من جمع الشمل في كنف الدولة ورصف الجهد لترميم بنيتها وتعبئة مناصبها بجهاز بشريّ من الأكفياء، بدءاً من الرئاسة الأولى “العالقة بشباك عناكب” إقليميّة وداخليّة، وسدّ ثغراتها وإنهاض وترسيخ مؤسّساتها وتفعيل نفوذ سلطاتها وتطهير إداراتها وتصويب وتسهيل جريان عملها وتدعيم عامودها الفقريّ وحارس سيادتها الجيش وقواها الأمنيّة حماية للوطن والمواطنين. طالما يستحيل “ترويض” المتطاولين على الكيان الوطني وعلى استقرار المواطن، هناك حاجة ملحّة للانطلاق من واحة أمان واطمئنان نقتطعها في بلاد الأرز خارج نطاق كابوس هيمنتهم يتبدد فيها شبح الهجرة وهاجس خسارة الأرض عن المقيمين ويُستولد فيها الشوق والتوق للعودة عند المغتربين الذين هجرت غالبيّتهم الوطن تحت وطأة ظروف خانقة ليتمكّنوا من إستعادة الجنسيّة لمن إفتقدها وممارسة كامل حقوقهم السياسيّة والمدنيّة و الإقتصاديّة والإستثماريّة في وطنههم الأمّ. وهناك ضرورة قصوى لخسء المتغوّلين وردع السماسرة اللاهثين لشفط أملاك اللبنانيين المنهكين نفسيّاً ومادّيّاً كيلا ينجحوا في قطع جسور تواصل أبناء الوطن مع حضن ذكرياتهم وخزّان تراثهم وكيلا يتكرّس الإنفصام عن أصالة ذواتهم. من يهمّه توطيد الشراكة الوطنيّة وترسيخ الإستقرار عليه إزاحة الضغوط عن صدور اللبنانيين وضبط الطوف الديمغرافيّ والإنفلاش الجغرافيّ والمساهمة في تنشيط أجهزة الدولة لا كبحها. إنّ الجموح الأهوج يضع مستقبل الأجيال في خطر ويتسبّب بتضخّم كلفة المعيشة وضمور المداخيل وشحّ المصادر الطبيعيّة ونضب الغذاء وتفاقم المشاكل الإجتماعيّة وتقلّص إمكانات توفير العناية الصحّية والتعليمية. الخروج من قوقعة شرانق العزلة وتحرير الذات من كلّ أنماط العصبيّات القبليّة وشهوات الهيمنة والطغيان وفتح القلوب للإنضمام إلى “ورشة” التآخي الإنساني وشبك الجهود لإنتاج وتطوير مستلزمات نماء العيش ونشر الخير، هي السبل المتآلفة الآيلة إلى عيش هانئ يسوده الوئام والسلام والازدهار. مرحباً بالراغبين وحمانا الله من كيد الممتنعين! أكاديمي مواظب على تحرّي الشؤون اللبنانيّة* Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights.