٢٠.٣.١٥

!خطر داهم على الوجود فإيّاكم الغفلة والجمود

المهندس حميد عوّاد* انهالت، بكثافة هائلة، مأساة النزوح السوري نحو لبنان الغاصّ بأهله و"ضيوفه" والملتاع بلسعات همجيّة وساديّة ألهبت وجدان اللبنانيين لتنغّص هناء عيشهم وتقتلعهم من جذورهم تحت وطأة العذاب والقهر والمرارة والتشنّج والنقمة والإحباط واليأس. اللبنانيّون الأصفياء الولاء يستشعرون خطراً وجوديّاً جاثماً من محاولات شفط لبنان إلى لجّة الصراع المحتدم في سوريا والعراق وإلى أشداق "الأباطرة" الخائضين غماره، كما يتوجّسون شرّاً من اسنانهم المنغرزة داخل الوطن لِدكّ أسسه وقطع أوصاله وهدم عمرانه ومحو ازدهاره وتحوير تاريخه ونسف صيغة نظامه الديمقراطي وتفكيك مؤسّساته وفصله عن فروعه العابرة للقارّات. يتابع اللبنانيّون الأصلاء بفخر إنجازات جدودهم وتواصلهم مع الحضارات والثقافات العالميّة لتثبيت دور وطنهم التاريخي كمعجن للحضارات التي أغنت وخمّرت معارفهم وافترشت أرضه قلاعاً وآثاراً قيّمة. لذا فهم يرفضون بعناد وصلابة تحويل هذه الجنّة إلى مضارب قبليّة تشوّه بهاء هويّة لبنان، ويصدّون بشراسة تفاقمها وتناميها على حساب عافية الدولة. من الضروري حشد كلّ طاقات اللبنانيّين الأبرار لصبّها سدّاً منيعاً في وجه الطوف الرجعيّ العنيف والمتعجرف. حمم بركان التطرّف المذهبيّ تتلاطم تحت رايات أحقّية الميراث الدينيّ واحتكار الفقه وإشهار تُهم التكفير، ظنّاً أنّ ضلال جناح يبرّئ ضلال جناح آخر. أهل الرزانة والحكمة والجرأة والإقدام يتصدّون لهذا الشذوذ الخطير الذي تتطلّب معالجته ليس فقط ضرب بؤره، بل استقصاء جذوره لاستئصالها وتجفيف المصادر التي تغذّيها. لا نريد للبنان أن يتلظّى بأجيج الحمم المستعرة خلفه، وهذا يتطلّب رصف جهود المؤمنين حقّاً بكيانه المميّز وكفّ أيادي الساعين لربطه بكيانات مناقضة لطبيعته تستقطب انتماءهم. "الظروف العصيبة لا تحتمل التشتّت والضّعف والتخاذل والانسياق الهائم، فقد مجّ اللبنانيّون عروض مسرح "الدمى السياسيّة تحرّك شفاها على إيقاع "نافخ" الكلمات الرابض وراءها . (ventriloquist/ventriloque) إذا كان البعض يلهث وراء كسب حظوة ونفوذ ومال من "نافخ الكلمات" فاللبنانيّون الأصلاء لا يرتضون طرح مصير الوطن للمقايضة أو البيع لجعلهم رهن التشرّد. المدخل للخلاص هو تقاطر الإنتليجنسيا المسيحيّة على بكركي تلبية لدعوة من البطريرك مار بشارة بطرس الراعي حيث ينكبّ قادة الرأي وأصحاب الإختصاص على جوجلة لائحة المرشّحين الحائزين على الكفاءات والمزايا والمناقب التي تؤهلّهم للإضطلاع بمهام رئاسة الجمهوريّة وقيادة سفينة الحكم خارج الأنواء لتتم بعدها عمليّة انتخاب من يحظى بين هؤلاء بغالبيّة الأصوات في المجلس النيابيّ. حقّ للبنانيّين، المقيمين والمغتربين، عيش مستقرّ وهانئ في ربوع وطنهم الديمقراطي النظام، السيّد الحرّ المستقلّ، المحروس بجيشه وقواه الأمنيّة النظاميّة الحامية لأرضهم وسلطاتهم وحريّاتهم وحقوقهم وكراماتهم، والضامنة لأمانهم وسلامتهم. لبنان متحف آثار تاريخي وقيمة إنسانيّة حضاريّة راقية تتشابك متلائمة مع القيم والمبادئ والتراث العالمية السامية، فحريّ بمنظّمة الأمم المتّحدة محضه حصانة دوليّة. *أكاديمي مواظب على تحرّي الشؤون اللبنانيّة* Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights. http://hamidaouad.blogspot.com/ --

٢.٣.١٥

لنطرد كابوس الفوضى والإرهاب خارج محراب الوطن

المهندس حميد عوّاد* تتنوّع أسباب الخلافات والنزاعات في تحديد واحترام معايير القيم والحقوق والواجبات كما تتشعّب جذور الخلل في التفكير والفهم والسلوك، وتتفاقم نتائجها، فتورّط المصاب بهذه الإنحرافات في ارتكاب أعمال مؤذية لنفسه ولمن تمسّه نتائجها. من المحبط جدّاً الفشل في إقناع الضّال بفضيلة الرجوع عن الخطأ وهدايته إلى جادّة الصواب. من يعصى عليه تقبّل المنطق والحوار الراقي واحترام الكرامة البشريّة يعميه الجهل ويلفحه الجنون ويعتصره العنف. هناك من "تقمّص" شخصيّة "دراكولا" وسكر من شرب دماء ضحاياه وهناك من ابتزّ الطاعة مدّعياً أنّه سبط منبثق من لدن الألوهة فاستعبد الناس وروّع من لا يخلع عليه هذا الرداء وهناك "قياصرة" سفكوا دماء من ينازعهم السلطة. لقد ظنّ هؤلاء أنّ إشعال جهنّم على الارض وهدم المعالم الحضاريّة هو ضمانة الوصول إلى الجنّة والخلد. العنف آفة العصر سوّقت "لعظمته" "هوليوود" سنين طويلة للكسب الرخيص وغذّت انحرافات أنفس ضعيفة ودفعتها إلى إنشاء "هَول وود" خاصّة بها لتختطف الأنظار وتروّع مشاهديها. بالأمس نال العنف الهجين من نضارة وسلام الواحة اللبنانيّة وهو يدقّ أبوابنا اليوم من جديد ليدكّ أسس نظامنا ومواثيقنا ومؤسّساتنا، لكن مثلما انتفضت إرادة الخيّرين الأصلاء وأنعشت دورة الحياة في عروق الوطن تشرئبّ هممهم اليوم لتحمي صيغة لبنان المنذور موئلاً للحريّة المسئولة والكرامة العزيزة والتنوّع المتآلف والانفتاح المثري. تمسّك أبناء لبنان المؤمنين بطابعه المميّز والمسالم والمحيّد عن الأنواء هو ضمانة لانتزاعه من براثن المتهافتين لمحو كيانه وتذويبه في كيانات مناقضة لطبيعة رسالته. دعم أجهزة الدولة ومؤسّساتها وسلطاتها ودستورها وقوانينها وحماية الأرض والمُلكيّة واستثمار المصادر الطبيعيّة والطاقات البشريّة وتأمين البنى التحتيّة والخدمات هي متطلّبات ضروريّة لتسيير الحياة الوطنيّة. الإنخراط بمشروع نهوض الدولة يناقض بحدّة حبس مجاري السلطة وتعطيل الإستحقاقات الوطنيّة وقيام "دويلات" فئويّة مدجّجة بالسلاح و"مطّرزة" بشعارات "طموحة" تتأزّر بها لتنهش أحشاءها وتقرض صلاحيّاتها وهيبتها ولتتحكّم بالقرارات المصيريّة وبمرافق ومؤسّسات هامّة فيها. يبدو أنّ الذين اختطفوا استحقاق انتخاب رئيس للجمهوريّة رهينة لتجاذبات إقليميّة غير مستعجلين لرفع بدعة "حقّ النقض" و"يرمون الكرة في ملعب" الزعامات المسيحيّة التي تغفل "سهواً" آراء نخب من أهل الفكر والعلم وقادة الراي الذين تساعد مشورتهم في تزكية الشخصيّات الجديرة بهذا المنصب. دعم ركائز الدولة وصدّ جحافل التطرّف لا يحتمل التقيّة والتواطؤ بل يحتّم تعزيز القوى الأمنيّة والجيش بشرياً وعتاداً وعدّةً لمساعدتها في القيام بواجبها في ردّ كلّ عدوان وحماية الأرض والإنسان. بتجهيزات محدودة وعنفوان لا يُحدّ تحمّلت هذه القوى مهامّ منهكة وما زالت تبذل التضحيات في سبيل الحفاظ على كيان الوطن. فإلى أفرادها ورتبائها وقادتها نوجّه تحيّة إكبار وإجلال وإلى شهدائها شهادة عرفان وإعجاب بعظمة تضحياتهم. باحث وأكاديمي مواظب غلى تحرّي الشؤون اللبنانيّة* Compassionate empathy, accurate discernment, judicious opinion, support for freedom, justice and Human Rights. http://hamidaouad.blogspot.com/