١.١١.٠٨

صبّ الجهود الطيّبة لإكتساب المناعة

*حميد عواد

لبنان الوديع ينهض على وقع وعد "لبّيك لبنان!" مع إنتفاض أبنائه المخلصين من ركام تخريب الشياطين، و إنتصابهم لإفتدائه بالمهج و إنعاشه و إبراز قيمه الأصيلة، ببذل جهود حثيثة معجونة بالعرق و الدمّ و العنفوان و الوفاء و المحبة.
لبنان يسامح من أساء إليه و شوّه قسماته البهيّة شرط الكف عن الإساءة و التشويه. و هو يفرح ليقظة الضمائر الآيبة من آفاق السراب و التيه.
لبنان يسعد لتفتح بصائر مجتمعات منغلقة أدركها نور نجمه فأكتشفت فيه موئلاً للوئام، لا مسرحاً للخصام، و حوضاً خصباً للتفاعل الخلاّق، لا مسلخاً وسخاً للتناحر الهلاّك، و حاضرة حاضنة للعمران، لا بؤرة توتير للتخريب، و منتجعاً مضيافاً للإستجمام لا "مكسر عصا" للحاقدين و لا "حقل رماية" للمتدربين او "ساحة وغى" للمتطاحنين أو ميدان "حروب وقائية أو بديلة" للمتنازعين.
لبنان ينشرح لمبادرة أصدقائه الكثر إلى زجر و ردع مصادر التهديد و الترهيب، و يقدّر مساعداتهم الإقتصادية و المالية و العسكرية، و مواكبة نهوضه بتعزيز سلطاته و تدعيم مؤسساته و إزالة العقبات و العوائق من درب سريان دورة الحياة الديمقراطية و تزخيم مواهب أبنائه لصبّها في سياق دفعه قدماً نحو الرقي و الإزدهار.
لبنان بدأ بإستعادة زهوة مجده كمنتدى للثقافة و محترف للفنون و مربع للسياحة و صرح حضاري لتعانق الأديان و قد توهّج قبسٌ من أنوار دوره الوئامي و المبدع بالأمس في إحتفال تدشين التحفة المعمارية مسجد محمد الأمين، و ذلك رغم حؤول الظروف الراهنة دون ترسيخ سلطة الدولة على كل الأراضي اللبنانية و ممارسة واجبها الجوهري في حصر حمل السلاح بقواها الشرعية دون منازع لحماية سلامة و حقوق المواطنين و حرمة المؤسسات و صيانة الحدود.
لكلّ مواطن أو زائر ملتزم بالقانون حقّ، غير قابل للجدل أو النقض، بالتنقّل بحرية في ربوع لبنان دون "مفاجأته" بإدعاءات "إنتهاكه" مناطق "عسكرية" غير نظامية تجعله معرّضاً للإستجواب أو حتى تحوّله "هدفاً" لإطلاق النار. إن التعبير الصريح و البليغ عن رغبة من أنشأ فصائله المسلحة الخاصّة داخل لبنان، بتسهيل نهوض الدولة اللبنانية و إحترام سيادتها و إستقلالها، يتجسّد في تفكيك فصائله أولاً و تجيير طاقاته لصالح تدعيم سلطاتها، و إلا ضاعت المساعي هباء و أفصحت التصاريح الإنشائية عن هراء و تهكّم يفضحان الستار الواهي المموّه لنوايا خبيثة.
إنّ حرية الفكر و العقيدة و التعبير هي حقّ فطري و بديهي مصون دستورياً و راسخ في لبنان طالما لم ينتقص من أو يتعدى على حرية عامة الناس.
لكن الجنوح بممارستها إلى التهويل و العنف و الجموح إلى الهيمنة و الإكراه هو شذوذ خطير، لا يخفف من أذاه "تطمين" بتأجيل "التنفيذ" (الإطباق) إلى حين "نضج ظروف التخصيب و التغلغل الميداني".
و لا يطمس عوراتها بخور "إغداق الحفاوة و التكريم" لمن أنتج إضطراب مفاهيمه و إختلال موازينه تبديداً لرصيد مناضلين أبرار من صفوة اللبنانيين خلال جهود "نُذرت" ل"أللبننة" فإنعكست و إنقلبت "أيرنة" و "سورنة"!
في خضمّ حركة بورصة الإبتزاز السياسي يضغط "متعهّدو" مسخ وجه لبنان المتألّق و إغتصاب دوره الطليعي و نهش تراثه المجيد بإتجاه الإرتداد إلى سوق النخاسة التي سادت ثلاثة عقود و الإحتفاظ ب"الغنائم" التي أباحها لنخّاسيه في كافة مؤسسات و إدارات الدولة و أخطرها في المجالين الأمني و القضائي.
لذا يروج التبادل العجيب و التداول المريب و يُسوّق الذمّ في معرض المدح و يُضخّ السمّ في خلاصة الدسم!
لكن الأمل و التفاؤل ينتعشان مع تبلور الإرادة الحرّة و إختمار الوعي و رجحان كفّة الحكمة و تكوكب الطلائع السيادية و تتابع خطوات التلاقي و جهود التهدئة التي نتمنّى أن تؤول إلى نقاء الضمير و صفاء الوجدان و جلاء الرؤية و إرساء الإيمان بالوطن و إنماء اللحمة الوطنية.
لضمان نجاح عملية الإقلاع و التحليق نحو آفاق الهناء، لا بد من إشراك فعلي لجناح الاغتراب اللبناني المرن و النافذ إلى جانب إخوته المقيمين، فيزداد زخم الطيران.
و لا بد من التنويه أن تنشيط الجهود الخيرة، الآيلة إلى تأمين حياة كريمة للبنانيين، تترافق مع رفق ببيئتهم الطبيعية الخلاّبة و تثمير لغلاّتها و تسخير لطاقاتها النظيفة الشمسية و المائية و الهوائية.
فيما تشكو السوق المالية العالمية من "فقدان المناعة (و الثقة) المكتسبة" نرجو أن تُنسج المناعة الوطنية دون زغل متغلبة على دسائس التفرقة ومحبطة لمغريات تهجين الولاء و شراء الذمم.

*مهندس و أكاديمي باحث في الشؤون اللبنانية

هناك ٤ تعليقات:

mama nour يقول...

موضوع جميل و تناول ممتاز
أنتظر زيارتك لموقعى و كتابة رأيك فيه و ربما طمحت فى اضافتى لمفضلتك لأكون ضيفتها الدائمة
www.aldayfa.blogspot.com

نور القلم

غير معرف يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
Unknown يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
فاتورة التليفون يقول...

شكرا على المواضيع المميز والبلوج الاكثر من رائع تقبل أرق التحيات