٩.٧.١٤

وأد التطرّف لإنعاش لبنان

*المهندس حميد عواد لبنان وحاملو رسالته الجريحة المتبلسمة بترياق مخزونها من المحبّة والسلام والوئام والمكلّلة بعزّة انتماء هؤلاء الأبناء الأوفياء للمحطّات المشرقة من تراث وطنهم يعانون من هجمات شرسة يشنّها متهوّرون ينطلقون من "ثكنة" الدين و"قاعدة" العقيدة المحرّفة. لبنان واحة نضرة متميّزة بنظامه وغنى أبنائه الفكريّ والثقافيّ والعلميّ وتشعّب وعمق تفاعلهم مع صروح المعارف العالميّة لذا لا يحتملون خنق الحرّيات في وطنهم ومسخ معالمه الحضاريّة. لا يمكن أبناء لبنان البررة تقبّل عسكرة وتسييس الدين في سياق أيّة فذلكة لإقتحامه واختطافه في عمليّة إنقلابيّة تفكّك كيانه التعدّديّ المنسوج بألوان قوس قزح والمجدول بسواعد الأجداد والمجبول بعرقهم ودمهم أكان الإنقلاب "ناعماً" متدرّجاً أم"خشناً" تحت ضغط فوّهات البنادق. لبنان ملاذ للمضطهدين في هذا الشرق ومنتدى حوار لرجال الفكر ومنتجع للمرهقين ومتحف آثار وجنّة طبيعة تنتج ألذّ الثمار وتوفّر منتزهاً للنظر، فهل يرضى محبّوه والذين تذوّقوا أطايبه وتنعّموا بضيافته واختبروا أوج عزّه أن يشهدوا مكتوفي الأيدي تخريب الهجمة الرجعيّة التي يتعرّض لها؟ أبناء لبنان ومحبّوه الغيارى يتوقون لعودته كما عهدوه مهبطاً للوحي ومرقداً آمناً للأرواح ومحفلاً للأفراح لا بؤراً لقبائل متناحرة تتناتشه وتقضّ المضاجع وتشدّ العصب خلال إحياء الجنائز. لبنان مأوى مؤقّت، لا مستقَرّاً، للعناية بالنازحين المعذّبين الهاربين من وطنهم تحت وطأة الاضطهاد والاشتباكات الحربيّة وقد تحمّل أعباء تفوق طاقته من أجل نصرة المظلومين على حساب ضيق مساحته وشحّ موارده وخلل ميزان العيش فيه. لبنان لا يرتضيه أهله الأصلاء مصبّاً لدعوات الفرز المذهبيّة الحاقدة ولا منطلقاً لتصديرها وشنّ حروبها. اللبنانيّون ذاقوا الأمرّين من فتن وحروب رُميوا في أتّونها غصباً لأرادتهم ولايريدون تكرار كوارث مشابهة يحفّز حلولها لاعبون جدد وقدامى. الحرص على مصلحة ومحبّة لبنان يقاس بمقدار المساهمة في فضح وإدانة الدعوات المشبوهة وتجفيف تمويلها واقتلاع جذورها ودعم مؤسّسات الدولة وتشجيع صحّة عمل وظائفها وعدم إحباط سلامة انسياب التفاعل بين السلطات أو عرقلة الإستحقاقات الدستوريّة. هناك خلاف جوهريّ بين من يحرص على صيانة وتطوير صيغة لبنان الحضاريّة وبين من يريده "ولاية" خاضعة لسلطة دينيّة متعطّشة لفرض هيمنتها حيثما تجد تربة خصبة وأتباعاً يخرّون ساجدين لطاعتها ويحاربون باسمها كلّ من أفتت أنّه عدوّها أو عقبة تعيق مشروعها. التصدّي لخطر قرض سلطات الدولة والسيطرة على مرافقها لاستباحة حركة الاستيراد والتصدير غير المشروعة والتصرّف بالأملاك الخاصّة والعامّة بلا مسوّغ قانونيّ والإنفلاش الديموغرافيّ والجغرافيّ الجارف لفئات من اللبنانيّين يقتضي التعاضد بين مؤسّسسات المجتمع المدنيّ والروحيّ ومؤسّسات الدولة لتنسيق التدابير وتنفيذ القوانين الآيلة إلى ذلك. الإسلاس لعمليات الإرباك والتعطيل السياسيّ المدارة عن بعد وعن قرب أنهكت الدولة والمواطن اللبنانيّ وبما أنّ هيكل الدولة يجب أن يكون مكتملاً بطواقمه المؤهّلة للقيام بمسئوليّاتها، على النوّاب الكرام الكفّ عن التهرّب من واجبهم الدستوري القاضي بانتخاب رئيس للجمهوريّة التي تقبّلوا قطع رأسها لفرض مرشّح أنصار "الولاية" لا الدولة. صدق التعاطي مع الدولة يرتكز على القنوات والسلطات الرسميّة وليس التسلّل خلفها وبناء كيانات تنافسها تابعة للطامحين إلى تفكيكها وانهيارها للحلول محلّها. كلّنا، أصحاب الكرامة والعنفوان والداعمين لانبعاث أقوى لدولة الحريّة والسيادة والاستقلال، مدعوّون للتضامن و السعي الحثيث إلى تحقيق غايتنا النبيلة. *أكاديمي مواظب على الاضطلاع بالشؤون اللبنانيّة

ليست هناك تعليقات: